ولدي.. لا تعد!!
ولدي إليك تحيتي وحناني
وإليك أشعاري ونبض بناني
طال الفراق على أبيك ولم يزل
يشكو لظى الأحزان للكتمان
فلقاؤنا حلمٌ عزيزٌ لا يُرى
من سطوة الفرعون والهامان
والعمر يؤذن بالرحيل وبالنوى
والقبر يدنيني من الديّان
ولذا فقلبي يستعيد بذكركم
أمل اللقاء ونصرة الرحمن
قد كان همك أن تعيد لأمةٍ
مجداً قضى في التيه والإذعان
فبحثت عن طوق النجاة فلم تجد
غير الجهاد وصولة الفرسان
فرحلت في درب الليوث مطارَداً
ظلم الطغاة على ربى الأفغان
عشرٌ من السنوات مرت لم يزل
يوم الرحيل يعيش في الوجدان
جاء الجميع إلى الوداع يظلهم
برد الدعاء ودمعة الأشجان
وقلوبهم ترجو اللحاق بركبكم
تصبو لدرب الروح والريحان
فرحلتَ يا ولدي وحيداً عازماً
تشدو بحب السيف والقرآن
فنظرتُ يا ولدي إليك معانقاً
ومفاخراً بك ثلة الأقران
طال العناق بلا كلامٍ بينما
دمع الفراق تصبه العينان
فكتمتَ يا ولدي دموعك قائلاً
صبراً أبي فالله لن ينساني
وفردتَ أشرعة الرحيل مبارزاً
موج البحار وغربة الأوطان
وشققت يا ولدي طريقك بينما
يزداد ظلم الروس في البلدان
ويحاربون الدين في كل الدنا
ويدمرون مكارم الإنسان
دفعوا بكل جيوشهم وذئابهم
تسطو على الأفغان كالطوفان
ويؤمّلون ويحلمون بكفرهم
يسري بهم في أرض باكستان
ليواصلوا إلحادهم وليعبروا
بحر الخليج بمركب الطغيان
فيدمروا أرض الجزيرة تحتهم
ويدنسوا الحرمين بالأوثان
ليصير كل المسلمين عبيدهم
والكعبة الغراء في النسيان
يا بئس ما قد أوهموا فئرانهم
يا بئس ما حملوا من السلطان
يا ويلهم من جندنا يا ويلهم
من غضبة لجحافل الإيمان
قد غرهم إلحادهم فتجبروا
وتكبروا بالكفر كالشيطان
فهبطت يا ولدي عليهم تمتطي
صهو الردى وشدائد الأزمان
وسللت أسياف البطولة ثائراً
تُصْلي العدا بالذبح والنيران
طاردتهم فوق الثلوج مصابراً
رغم الجراح وقلة الأعوان
أطعمتَهِم طير الجبال ووحشها
وصرعتهم في السهل والوديان
وسقيتهم كأس المذلة مُرّةً
وأذقتهم طعم الردى بسنان
فتحدثتْ كل الدنا عن بأسكم
وتعجبت من ثورة الشجعان
وتسابق الإعلام يجري خلفكم
وتبارت الأقلام في التبيان
وتفاخرت أوطانكم بفعالكم
فلقد رفعتم رأسها لعنان
قد كان يا ولدي الجميع مؤيداً
ومؤازراً بالقلب أو بلسان
حتى تهاوى الروس في ساح الوغى
وتساقط الإلحاد نحو هوان
وتسابقوا نحو الفرار وأرسلوا
أقدامهم للريح كالجرذان
وتحطمت آمالهم وتمزقوا
وصروحهم سقطت على الأركان
فنظرت يا ولدي إلينا باسماً
ولبست ثوب النصر والرُبَّان
فلقد تحقق بانتصار حلمكم
وحسبتُ أن ألقاك في الركبان
فإذا بحكّامٍ لنا قد كشروا
عن نابهم بالمكر والعدوان
قد راقبوك يا بُنيّ منذ تركتنا
ظنّوك تُصرع في رُبى الأفغان
وأتى اليهود يقدمون مشورةً
حتى يُعدّوا حيلة الشيطان
وعلى الحدود لحقدهم قد سجلوا
أسماءكم في سائر البلدان
لا تأت يا ولدي فهُم قد علّقوا
صوراً لكم لُصقت على الجدران
لا تأت يا ولدي إلينا إنهم
قد جهّزوا قيداً مع السجان
وأُعِدَّت الأحبال يا ولدي هنا
ليُعلّقوك بها على العيدان
بل أوقفوا أجنادهم في خسةٍ
كي يقتلوك ولو بأي مكان
لا تأت يا ولدي إلينا ها هنا
حربٌ على الإسلام والقرآن
لا تأت يا ولدي وصبراً طيباً
وعليك بالتقوى مع الإحسان
يكفيك فخراً أن حميت ديارنا
من خسة الإلحاد والإذعان
يكفيك فخراً أن تظل مجاهداً
تحمي الحمى بالسيف والفرقان
أما ابتلاء المؤمنين فسنّةٌ
لله فينا سائر الأزمان
والفجر آتٍ لا محالة ضوؤه
والله ناصركم على الطغيان
مجلة الجهاد - العدد الرابع عشر بعد المائة
جمادى الأولى 1415هـ / أكتوبر ونوفمبر 1994م