منتدى المؤمنين والمؤمنات
عن عبادة بن الصامت ، عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا فأتاهُ رجلٌ فَناداهُ : يا عبدَ اللَّهِ بنَ عبَّاسٍ ، ما تَرى في رجُلٍ قتلَ مُؤمنًا متعمِّدًا ؟ فقالَ : جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا قالَ : أفرأيتَ إِن تابَ وعملَ صالحًا ثمَّ اهتَدى ؟ قالَ ابنُ عبَّاسٍ : ثَكِلتهُ أمُّهُ ، وأنَّى لَهُ التَّوبةُ والهُدى ؟ والَّذي نَفسي بيدِهِ ! لقَد سَمِعْتُ نبيَّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : ثَكِلتهُ أمُّهُ ، قاتِلُ مؤمنٍ متعمِّدًا ، جاءَ يومَ القيامةِ آخذَهُ بيمينِهِ أو بشمالِهِ ، تشخَبُ أوداجُهُ في قِبَلِ عرشِ الرَّحمنِ ، يلزمُ قاتلَهُ بيدِهِ الأخرى ، يقولُ : يا ربِّ سَل هذا فيمَ قتلَني ؟ وأيمُ الَّذي نفسُ عبدِ اللَّهِ بيدِهِ ! لقد أُنْزِلَت هذِهِ الآيةُ ، فما نسخَتها مِن آيةٍ حتَّى قُبِضَ نبيُّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، وما نَزل بعدَها مِن بُرهانٍ
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/552
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
منتدى المؤمنين والمؤمنات
عن عبادة بن الصامت ، عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا فأتاهُ رجلٌ فَناداهُ : يا عبدَ اللَّهِ بنَ عبَّاسٍ ، ما تَرى في رجُلٍ قتلَ مُؤمنًا متعمِّدًا ؟ فقالَ : جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا قالَ : أفرأيتَ إِن تابَ وعملَ صالحًا ثمَّ اهتَدى ؟ قالَ ابنُ عبَّاسٍ : ثَكِلتهُ أمُّهُ ، وأنَّى لَهُ التَّوبةُ والهُدى ؟ والَّذي نَفسي بيدِهِ ! لقَد سَمِعْتُ نبيَّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : ثَكِلتهُ أمُّهُ ، قاتِلُ مؤمنٍ متعمِّدًا ، جاءَ يومَ القيامةِ آخذَهُ بيمينِهِ أو بشمالِهِ ، تشخَبُ أوداجُهُ في قِبَلِ عرشِ الرَّحمنِ ، يلزمُ قاتلَهُ بيدِهِ الأخرى ، يقولُ : يا ربِّ سَل هذا فيمَ قتلَني ؟ وأيمُ الَّذي نفسُ عبدِ اللَّهِ بيدِهِ ! لقد أُنْزِلَت هذِهِ الآيةُ ، فما نسخَتها مِن آيةٍ حتَّى قُبِضَ نبيُّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، وما نَزل بعدَها مِن بُرهانٍ
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/552
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
منتدى المؤمنين والمؤمنات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المؤمنين والمؤمنات

-- قال صلى الله عليه وسلم وايم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها و نهارها سواء “
 
الرئيسيةاليوميةالأحداثمكتبة المنتدىالمنشوراتس .و .جبحـثالتسجيلدخولاالمواضيع اليوميه النشيطه
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ
فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }. ...
فهذه رسالة مختصرة إلى أهل الثغور في الشام،
وكما لهم حق النصرة فلهم حق النصيحة، فأقول:١
1--
عليكم بالاجتماع، فإن لم تجتمعوا على كمالٍ في الحق فلا تتفرقوا
بسبب نقص بعضكم، لا تفرقكم بدعة ومعصية فإنكم تقابلون كفرًا،
فقد اجتمع المسلمون على قتال العبيديين وقائدهم خارجي،
وقاتل ابن تيمية التتار ومعه أهل بدع.




٢---
بالفرقة تُهزم الكثرة، وبالاجتماع تنصر القلة، ولن تنتصروا حتى تقتلوا هوى النفس قبل قتل العدو، فالهوى يقلب موازين العداوات فتنتصر النفوس لهواها وتظن أنها تنتصر لربها،
وقليل الذنوب يُفرق القلوب، قال النبي ﷺ: (لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم) لم يمتثلوا باستواء صفوف الصلاة فتسبب بانـحراف القلوب،
فكيف بانـحراف صفوف الجهاد ولقاء العدو، فإن اختلفت القلوب فالتمسوا سبب ذلك في سوء الأعمال .


3---- إنكم في مقام اصطفاء ومقام ابتلاء، فمن أعلى مراتب الجنة جُعلت لمقاتلٍ قاتل لله، وأول مَن تُسَّعَر بهم النار مقاتل قاتل لهواه . ٤)---- إياكم وحب الاستئثار بالأمر وقد حذّر النبي ﷺ من (الأثَرَة) فاجعلوا همّكم نصرة الدين لا صدارة حزب وجماعة .

٥) ----
لا تخدعكم الألقاب فتوالوا لها وتعادوا عليها، فالله لا ينظر إلى ألويتكم وراياتكم وأسماء جماعاتكم، بل ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم،
لا تختصموا على اسمٍ فمهما بلغت أسماؤكم شرفاً فلن تكون أعظم شرفاً من كلمة (رسول الله) حيث محاها رسول الله بيده من صلح الحديبية
عندما نازعه المشركون عليها وذلك حتى يُمضي الحق وصالح الأمة .

٦)
----



العبرة بأعمالكم، فما ينفع (حزب الله) اسمه عند الله

٧)
 
لا يجوز لأحدٍ أن يجعل جماعته وحزبه قطبَ رحى الولاء والعداء، فلا يرى البيعة إلا له ولا يرى الإمارة إلا فيه،
ومن رأى في نفسه ذلك من دون بقية المسلمين فهو من الذين قال الله فيهم (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء)
قال ابن عباس لما قرأ هذه الآية: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم
إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله
وبالاختلاف والتنازع يذهب النصر (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) قال قتادة: لا تختلفوا فتجبنوا ويذهب نصركم .
٨) ---
لا يصح فيكم اليوم وأنتم في قتال وجماعات أن ينفرد أحدٌ ببيعة عامة يستأثر بها ولوازمها عن غيره وإنما هي بيعة جهاد
وقتال وثبات وصبر وإصلاح ونـحو ذلك، ولا يصح من أحدٍ أن ينفرد بجماعة منكم فيُسمى (أمير المؤمنين) وإنما أمير الجيش
أو الجند أو الغزو، فالولايات العامة مردّها إلى شورى المؤمنين لا إلى آحادٍ منهم، والألقاب استئثار تفضي إلى نزاع وقتال
وفتنة وشر، وإنما صحت الولاية الكبرى من النبي ﷺ لأنه ليس في الأرض مسلم سواه ومن معه، وليس في
الأرض خير من نبي ولا أحق بالأمر منه، فلو استأثر فهو نبي لا يرجع لأحدٍ ويرجع إليه كل أحد .

9---- لا يضرب بعضكم رقاب بعضٍ، فاتقوا الله في دمائكم، واحذروا مداخل الشيطان في تسويغ القتل وتبريره فتأخذوا أحداً بظن العمالة أو التجسس
أو التخذيل فالله حذر من الظنون التي تفسد أمر الأمة وتفرق شملها (اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم)
ولا تجوز طاعة أميرٍ في قتل مسلم معصوم ومن أُمر بحرام كقتل معصومٍ فلا تجوز طاعته ولا بيعته حتى بيعة قتال،
 ولو بايعه فبيعته منقوضة، ولا يجوز لأحدٍ أن يمتثل أمرًا ظاهره التحريم  حتى يتيقن من جوازه بعلمٍ وإن جهل سأل من يعلم،
حتى لا يلقى الله بدم أو مال حرام، فيُفسد آخرته بجهل أو تأويل غيره، فالله يؤاخذ كل نفس بما كسبت (كل نفس بما كسبت رهينةٍ)
ولا أعظم بعد الشرك من الدم الحرام .

تابع 9 ----

فقد صح من حديث ابن عمر، أن النبي ﷺ أمّر خالد بن الوليد إلى جذيمة فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون:

صبأنا، صبأنا، فأمر خالد بقتل أسراهم، فقال ابن عمر: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره،

قال: فقدموا على النبي ﷺ فذكروا له صنيع خالد، فقال النبي ﷺ ورفع يديه: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد) مرتين .

فقد عصوا خالدًا لما اشتبه عليهم الأمر، وهذا في دماءِ من الأصل فيه الكفر فكيف بدم من الأصل فيه الإسلام ؟!

10 ----

عند النزاع انزلوا إلى حكم الله كما أمر الله (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)
وقال: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)
فالنزول عند حكم الله إيمان والنفرة منه نفاق، وإن اختلف اثنان أو جماعتان فليتحاكموا
إلى ثالث من غيرهم، دفعاً لتهمة المحاباة، فقد ورد في الحديث عنه ﷺ قال: (لا تجوز شهادة خصم ولا ظنّين)
وفي الحديث الآخر: (لا تجوز شهادة ذي غمر (عداوة) لأخيه، ولا مجرب شهادة،
ولا القانع (أي التابع) لأهل البيت، ولا ظنين في ولاء ولا قرابة)
وقد جاء معناه من طرق متعددة يشد بعضه بعضاً، وهذا في الشهادة وفي القضاء من باب أولى

١١)

احفظوا ألسنتكم فإن الوقيعة في أعراض بعضكم تزيد من أحقادكم على بعضكم، فما يزال الواحد واقعاً
في عرض أخيه حتى يمتلىء قلبه حقدًا وغلاً عليه فيُصدّق فيه ظن السوء ويُكذّب فيه يقين الخير .



١٢)
أحسنوا الظن بالعلماء ورثة الأنبياء واحفظوا قدرهم بالرجوع إليهم والصدور عن قولهم،
وأحسنوا الظن بهم واحملوا أقوالهم على أحسن المحامل، فمدادهم في نصرة الحق أثرها عظيم
وقد جاء عن جماعة من السلف (مداد العلماء أثقل في الميزان من دماء الشهداء)

13)

لا تُرحم الأمة إلا إذا تراحمت فيما بينها، ومحبة الله للمجاهدين ونصرته لهم معقودة
برحمتهم بالمؤمنين وتواضعهم لهم، وعزتهم على الكافرين، فإن من صفات المجاهدين
ما ذكره الله في قوله تعالى
: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم).



ومن الله استمدوا النصر والعون هو المولى فنعم المولى ونعم النصير .



الشيخ عبدالعزيز الطريفي ١٧/ من ذي القعدة / ١٤٣٤ هـ
.

 

 كتاب سفيان الثوري لهارون الرشيد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ايهاب احمد اسماعيل
عضو فعال
عضو فعال
ايهاب احمد اسماعيل

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


كتاب سفيان الثوري لهارون الرشيد Empty
مُساهمةموضوع: كتاب سفيان الثوري لهارون الرشيد   كتاب سفيان الثوري لهارون الرشيد I_icon_minitime28/9/2019, 7:58 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
--------
كتاب سفيان الثوري لهارون الرشيد 
ذكر الإمام ابن بلبان والغزالي وغيرهما : أن الرشيد لما ولي الخلافة زاره العلماء بأسرهم إلا سفيان الثوري ، فإنه لم يأته ، وكان بينه وبينه صحبة ، فشق عليه ذلك ، فكتب إليه الرشيد كتاباً يقول فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم 
من عبد الله هارون أمير المؤمنين إلى أخيه في الله سفيان بن سعيد الثوري أما بعد يا أخي فقد علمت أن الله آخى بين المؤمنين وقد آخيتك في الله مؤاخاة لم أصرم فيها حبلك ولم اقطع فيها ودك واني منطو لك على أفضل المحبة وانه لم لم يبق أحد من إخواني وإخوانك إلا زارني وهنأني بما صرت إليه وقد فتحت بيوت الأموال وأعطيتهم المواهب السنية بما فرحت به نفسي
وقرت به عيني وقد استبطأتك وقد كتبت كتاب مني إليك أعلمك بالشوق الشديد إليك وقد علمت يا أبا عبد الله ما جاء في فضل زيارة المؤ من ومواصلته فإذا ورد عليك كتابي هذا فالعجل العجل
.
وأعطى هارون الكتاب إلى احد رجاله ويدعى_عباد وأمره بإيصاله إلى سفيان الثوري وان يحصي عليه بسمعه وقلبه دقيق أمره وجليله ليخبره به
قال عباد: انطلقت إلى الكوفة فوجدت سفيان في مسجده فلما راني قام وقال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم واعو ذبك اللهم من طارق لا يطرق إلا بالخير فنزلت عن فرسي بباب المسجد فقام سفيان يصلي ولم يكن وقت صلاه فدخلت وسلمت فلم يرفع أحد جلسائه رأسه إلي 
فبقيت واقفاً وما منهم من أحد يعرض علي الجلوس وقد علتني من هيبتهم الرهبة فرمت إليه الكتاب فلما رآه ارتعد وتباعد عنه كأنه حيه عرضت له في محرابه فركع وسجد وسلم وادخل يده في كمه وأخذه وقلبه بيده ورماه إلى من كان خلفه وقال ليقرا بعضكم فاني استغفر الله أن أمس شيئاً مسه ظالم بيده 
فمد بعضهم يده إلى الكتاب وهو يرتعد ثم قرأه فجعل سفيان يبتسم تبسم المتعجب فلم فرغ من قراءته قال : اكتبوا للظالم على ظهره فقيل له يا أبا عبد الله إنه خليفة فقال اكتبوا له في ظهره فان كان اكتسبه من حلا ل فسوف يجزا به وان كان اكتسبه من حرام فسوف يصلى به ولا يبقى شيء مسه ظالم بيده عندنا فيفسد علينا ديننا فقيل له:ما نكتب إليه؟
قال سفيان الثوري اكتبوا إليه:
بسم الله الرحمن الرحيم
من العبد الميت سفيان إلى العبد المغرور بالآمال هارون الذي سلبت حلاوة الإيمان ولذة قراءة القران ,أما بعد فاني كتبت إليك أعلمك إني قد صرمت حبلك وقطعت ودك وانك قد جعلتني شاهداً عليك بإقرارك على نفسك في كتابك فيما هجمت على بيت مال المسلمين فأنفقته في غير حقه 
وأنفقته لغير حكمه ولم ترضى بما فعلته وأنت ناء عني حتى كتبت إلي تشهدني عليه فأما أنا فقد شهدت عليك وإخواني الذين حضروا قراءة كتابك وسنؤدي الشهادة غداً بين يدي الله الحكم العدل
يا هارون هجمت على بيت مال المسلمين بغير رضاهم؟
هل رضي بفعلك المؤلفة قلوبهم والعاملون عليها في أرض الله والمجاهدون في سبيل الله وابن السبيل أم رضي بذالك حمله القران وأهل العلم أم رضي بفعلك الأيتام والأرامل أم رضي بذالك خلق من رعيتك؟
فشد يا هارون مئزرك واعد للمسالة جواباً والبلاء جلباباً واعلم انك ستقف بين يدي الحكم العدل فاتق الله في نفسك يا هارون
إذ سلبت حلاوة العلم والزهد ولذة قراءة القران ومجالسة الأخيار
ورضيت لنفسك أن تكون ظالماً وللظالمين إماماً
وتشبهت بالحجبة برب العالمين ثم أقعدت أجنادك الظلمة دون بابك وسترك
يظلمون الناس ولا ينصفون ويشربون الخمر ويحدون الشارب
ويرتشون ويحدون الزاني ويسرقون ويقطعون يد السارق ويقتلون القاتل
أفلا كانت هذه الأحكام عليك وعليهم قبل أن يحكموا بها على الناس
فكيف بك يا هارون غداً إذا نادى المنادي من قبل الله الحكم العدل
المنتقم الجبار احشروا الظلمة وأعوانهم فتقدمت بين يدي الله ويداك مغلولتان إلى عنقك لا يفكهما إلا عدلك وإنصافك والظالمون حولك وأنت لهم إمام أو سائق إلى النار وكأني بك يا هارون وقد أخذت بضيق الخناق ووردت المساق والتفت الساق بالساق وأنت ترى حسناتك في ميزان غيرك وسيئات غيرك في ميزانك على سيئاتك بلا على بلا وظلمه فوق ظلمه فاتق الله يا هارون في رعيتك واحفظ محمداً في أمته واعلم أن هذا الأمر لم يصر إليك إلا وهو صائر إلى غيرك وكذالك الدنيا تفعل بأهلها واحداً بعد واحد فمنهم من تزود وزاد نفعه ومنهم من خسر دنياه وآخرته وإياك ثم إياك أن تكتب إلي بعد هذا فاني لا أجيبك والسلام
.
يقول عباد رسول الرشيد إلى سفيان وألقى الكتاب منشوراً من غير طي ولا ختم ، فأخذته وأقبلت به إلى سوق الكوفة ، وقد وقعت الموعظة بقلبي فناديت : يا أهل الكوفة من يشتري رجلاً هرب إلى الله ؟ فأقبلوا إلي بالدراهم والدنانير ، فقلت : لا حاجة لي بالمال ، ولكن جبة صوف وعباءة قطوانية ، فأتيت بذلك ، فنزعت ما كان علي من الثياب ، التي كنت أجالس بها أمير المؤمنين ، وأقبلت أقود الفرس الذي كان معي ، إلى أن أتيت باب الرشيد حافياً راجلاً ، فهزأ بي من كان على الباب ثم استؤذن لي ، فلما رآني على تلك الحالة ، قام وقعد ، وجعل يلطم رأسه ووجهه ، ويدعو بالويل والخراب ، ويقول : انتفع الرسول وخاب المرسل ، ما لي وللدنيا ، والملك يزول عني سريعاً . فألقيت الكتاب إليه مثل ما دفع إلي ، فأقبل يقرؤه ودموعه تنحدر على وجهه ، وهو يشهق فقال بعض جلسائه : يا أمير المؤمنين ، قد اجترأ عليك سفيان ، فلو وجهت إليه فأثقلته بالحديد ، وضيقت عليه السجن ، فجعلته عبرةً لغيره . فقال هارون : اتركوا سفيان وشأنه يا عبيد الدنيا ، المغرور من غررتموه والشقي والله – حقاً – من جالستموه ، وإن سفيان أمَّة وحده ولم يزل كتاب سفيان عند الرشيد يقرؤه دبر كل صلاة ويبكي ، حتى توفي - رحمه الله تعالى . 

إحياء علوم الدين للغزالي 2 / 353 ، 2 / 391 ، حياة الحيوان للدميري 2 / 74 ، وهو مطبوع أيضاً من ضمن مجموعة الرسائل المنيرية 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب سفيان الثوري لهارون الرشيد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» “ الإمام سفيان الثوري“
» الميزان.. في تحقيق كتاب أبي سفيان
»  أحمد بن هارون الرشيد
»  تصفح كتاب " نهاية العالم " ـ كتاب فلاشي
» ابو سفيان رضي الله عنه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المؤمنين والمؤمنات :: {{{{{{{{{ === منتدى المؤمنين والمؤمنات === }}}}}}}}}} :: الرقائق و أعمال القلوب-
انتقل الى: