المطبوعات العربية المعنية بأفغانستان في إقليم سرحد
الحلقة الأولى
بقلم: أحمد موفق زيدان
تقوم مجلة (المجاهدون) بنشر رسالة ماجستير قدمها الأستاذ (أحمد موفق زيدان) في جامعة بيشاور قسم الصحافة، ونظراً لأهمية الموضوع الذي طرقه الباحث وعلاقته بالقضية الأفغانية وخاصة الجانب الإعلامي منها والذي لم يجد من يبحثه ويعتني به حتى الآن. وعلاوة على هذا دور الإخوة العرب في التعريف بالقضية الأفغانية إعلامياً من خلال هذه المطبوعات، وثمة كثير من القراء وحتى المهتمين لا يعلم أن القضية الأفغانية أفرزت حوالي أربعاً وعشرين مطبوعة عربية صدرت واختفت أو استمرت في الصدور حتى الآن، كل هذا دفعنا لنشر ترجمة الرسالة إلى اللغة العربية وبقلم المؤلف، وذلك تأريخاً لجانب مهم من القضية الأفغانية.
الجالية العربية في بيشاور
لا أريد الذهاب بعيداً في الحديث عن تاريخ الجالية العربية كيف جاءت إلى بيشاور، وإنما أريد فقط التحدث عن الوجود العربي خلال فترة الجهاد الأفغاني، وتوافد العرب إلى بيشاور بعد التدخل الروسي في أفغانستان 27 ديسمبر 1979.
وأود هنا تقسيم نشاط العرب إلى قسمين:
1 - الجانب الإنساني الإغاثي.
2 - الجانب الجهادي (المجاهدون).
1 - الجانب الإنساني الإغاثي
ثمة أكثر من خمس عشرة منظمة إغاثية عربية قدمت إلى بيشاور لمساعدة المهاجرين والمجاهدين الأفغان منذ الغزو الروسي عام 1979، وسأذكر هنا أسماءها وشيئاً من الدور الذي قامت به كل منها حسب التسلسل التاريخي.
الهلال الأحمر السعودي:
بدأ عمله في نوفمبر 1980 وركز على المجالات الطبية في أوساط المهاجرين وبعض الأعمال في داخل أفغانستان، بالإضافة إلى مساعدة المهاجرين من خلال توزيع المواد الضرورية لهم.
لجنة الإغاثة السعودية:
كانت جزءاً من الهلال الأحمر السعودي وتركته في أواخر عام 1983 وتعمل وسط المجاهدين الأفغان بتوفير الذخائر والأسلحة لهم وما يحتاجونه، وتركز اللجنة في نشاطها على المهاجرين كما توزع أموالاً للأحزاب وتملك عدداً من المدارس.
الهلال الأحمر الكويتي:
بدأ نشاطه في عام 1981 ويملك مستشفيات متقدمة ومتطورة، ويركز في نشاطه على الجانب الطبي، ويقدم منحاً دراسية لبعض السيدات الأفغانيات وكذلك الطلبة لدراسة الطب في باكستان.
لجنة الدعوة الإسلامية:
بدأت نشاطها في باكستان أواخر عام 1984 وركزت في أعمالها على الجانب الطبي والتعليمي، خاصة التعليم المتوسط والعالي، بالإضافة إلى تأسيس مدن كاملة بكافة تجهيزاتها مع كفالة عدد من الأيتام.
مكتب الخدمات:
بدأ المكتب نشاطه أواخر 1984 بإدارة الشيخ الشهيد عبد الله عزام، وتتوزع نشاطات المكتب بين مساعدة المجاهدين داخل أفغانستان والجانب الإعلامي والطبي والتعليمي، ويركز في نشاطه داخل أفغانستان على دعم المجاهدين مالياً.
الوكالة الإسلامية للإغاثة (أسرا):
بدأت عام 1984 ومعظم العاملين فيها من السودان وهي فرع عن الوكالة الأم في السودان، وتتوزع نشاطاتها في الجانب الطبي حيث لديها مستوصفاً للأعصاب والأمراض النفسية، ويهدفون إلى مساعدة الأيتام داخل أفغانستان، وهم نشيطون في تنمية المناطق الريفية.
هيئة الإغاثة الإنسانية:
كرد فعل على التدخل الروسي في أفغانستان قرر بعض المسلمين في كندا تشكيل منظمة لدعم المسلمين الأفغان تحت عنوان (صندوق دعم أفغانستان)، وفي عام 1985 بدأت المؤسسة عملها في أفغانستان باسم جديد (هيئة الإغاثة الإنسانية)، وكانوا سابقاً يدعمون المجاهدين بالتبرعات، ولكن في مرحلة 1985 بدأوا بتركيز نشاطهم على الأيتام والمجالات الطبية داخل أفغانستان وباكستان.
رابطة العالم الإسلامي:
تأسست في أواخر عام 1985 وكان المشرف عليها الشيخ عبد الله عزام، ثم انتقلت مؤقتاً إلى (عماد سليم) الأردني الجنسية، وأخيراً استلمها (وائل جليدان) وركزت نشاطها سابقاً على الجانب التعليمي.
العون الإسلامي:
مكتبها الرئيسي في لندن بقيادة (يوسف إسلام) المغنّي المشهور والذي أسلم وكان اسمه سابقاً (كات ستيفن) وقام بزيارة بيشاور عام 1987، وأقنعه الشيخ عبد الله عزام بفتح مكتب فرعي في بيشاور وبدأوا نشاطهم في المجال التعليمي.
المركز التعليمي:
يقوده الشيخ (فتحي الرفاعي) وتدعمه إحدى الجامعات الإسلامية في السعودية، وتأسس عام 1987 ليعد برامج تعليمية موحّدة لكل الأحزاب الأفغانية وللمركز مجلس شورى من كل أحزاب المجاهدين لوضع برامج تعليمية موحدة ونجحوا في عملهم هذا.
هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية:
كانت هذه الهيئة تعمل مع رابطة العالم الإسلامي، ولكن لبعض الخلافات مع مكتب بيشاور انفصلت عن الرابطة وأسست مكتبها في عام 1987، وهم نشيطون جداً في المجال الطبي خاصة داخل أفغانستان ويدعمون المجاهدين في الداخل.
لجنة البر الإسلامية:
تأسست عام 1987 وتتبع للشعب السعودي، وهم نشيطون جداً في المجال التعليمي والطبي داخل وخارج أفغانستان.
مؤسسة المدينة المنورة:
تأسست عام 1987، وينحصر عملها في مساعدة الأيتام خاصة في المجال التعليمي.
مكتب إعمار أفغانستان:
ويقوده المهندس (أحمد فريد مصطفى) الخبير المعروف في هذه الأمور، وتأسس هذا المكتب بعد انسحاب القوات الروسية من أفغانستان في فبراير 1989 بهدف إعادة الإعمار، ويقوم بتحضير برامج لإعادة إعمار أفغانستان من كل الجوانب.
لجنة إحياء التراث الإسلامي:
بدأوا عملهم في بيشاور مع أوائل عام 1989، وفي الماضي كانوا يدعمون المجاهدين بشكل انفرادي، وركزوا أخيراً في نشاطاتهم على حفر الآبار للمجاهدين والمهاجرين وبناء المساجد في أفغانستان والتبرع لقادة المجاهدين، بالإضافة لكفالة الأيتام.
2 - المجاهدون
قدم عدد من العرب المتطوعين للمشاركة مع إخوانهم في الإسلام بهذا الجهاد، وآلاف منهم جاؤوا من دُول عربية وإسلامية متعددة، ويعتبر مكتب الخدمات أكبر مؤسسة إغاثية عربية فعالة تقدم هذه الخدمة للشباب الوافد، فلديهم بيوت للضيافة، كما يرسلون القادمين إلى معسكرات التدريب وبعدها يدخلون إلى داخل أفغانستان، كما يقوم هؤلاء بجمع التبرعات للجهاد من الدول العربية. وأغلب هؤلاء الشباب جاؤوا للتدريب والمشاركة وبعدها يعودون لبلادهم، لإنهم إما موظفون في بلادهم أو طلبة، ولذلك يقضون بعض الوقت للهدف الذي جاؤوا من أجله.
وفي عطلة الصيف يأتي كثير من هؤلاء الشباب، فعلى سبيل المثال خلال حج عام 1990 أغلب رحلات الطيران العالمية عادت لبلادها من السعودية فارغة باستثناء الطائرات الباكستانية التي عادت لباكستان مليئة بالشباب القادم من السعودية للجهاد، وقد وصل العرب لكل الولايات الأفغانية، ولديهم بعض الجبهات المعينة والمحدودة على الحدود، واستناداً لإحصائيات مجلة البنيان المرصوص الصادرة في أكتوبر 1988، فإن عدد الشهداء العرب وصل إلى 47 شهيداً منذ بداية الجهاد، لكن العدد ارتفع في معركة جلال آباد وما بعدها.
ومعظم العرب القادمين يتمركزون ويعيشون في مدينة بيشاور، وبعض منهم يعيشون في (حيات آباد) إحدى ضواحي بيشاور، وحسب مصادر نظام كابل فإن 185 عربياً قد قتلوا وجرح 85 عربياً آخر وذلك منذ توقيع اتفاقيات جنيف في 14 أبريل 1988[1].
وفي البداية كان العرب يصلون الجمعة في مكتب الخدمات في منطقة أرباب رود، وبعدها ولأسباب أمنية انتقلوا إلى مسجد الهلال الأحمر الكويتي، ومن ثم بدأ يصلي معظمهم في مسجد بُني أخيراً باسم (سبع الليل)، وبقي البعض يصلي في مسجد الهلال الأحمر الكويتي، وكان الشيخ الشهيد عزام يلقي خطبة الجمعة في مسجد (سبع الليل)، وبعد استشهاده توزع العرب في المساجد الباكستانية لأسباب أمنية.
خسائر الصحفيين العرب
الصحافيون العرب الذين يعملون كمراسلين لصحف أجنبية في بيشاور محدودون، فهم ينحصرون في كاتب الرسالة الذي يعمل مراسلاً لجريدتي (الشرق الأوسط) و(المسلمون)، وعملي للثانية مُصاحفاً أي مراسلاً بالقطعة، وهناك (عدنان إبراهيم) وكان يعمل مراسلاً لصحيفة (الحياة) الصادرة من لندن، و(أحمد منصور) الذي عمل مراسلاً لمجلة (المجتمع) سابقاً، والتي كانت تصدر من الكويت، ثم عيّن فيها مديراً للتحرير، كما كان هناك (مصطفى حامد) الذي عمل مراسلاً لجريدة (الاتحاد) اليومية والصادرة من أبو ظبي ثم تركها أيضاً.
وهناك أيضاً صحفيون عرب يعملون مع مطبوعات تتخذ من بيشاور مقراً لها.
ونريد إطلاع القارئ هنا على خسائر الصحفيين العرب في داخل أفغانستان وباكستان.
1 - الشهداء
البروفيسور عبد الله عزام:
الدكتور عزام هو المؤسس والناشر لمجلة (الجهاد)، وهو فلسطيني يحمل جواز سفر أردني وقائد المجموعات العربية الجهادية في أفغانستان، وقد استشهد مع اثنين من أبنائه، محمد 19 عاماً وإبراهيم 15 عاماً، في انفجار قنبلة موقوتة قرب موقف (أرباب رود) في بيشاور على الطريق الرئيسي المؤدي لجامعة بيشاور، وذلك في 24 نوفمبر 1989، وكان عزام بروفيسور سابق في الجامعة الإسلامية بإسلام آباد والسعودية. وقد استقال من عمله بالجامعة الإسلامية في إسلام آباد عام 1986 وتأثر بالجهاد الأفغاني، وفتح مكتباً في منطقة (يونيفرسيتي تاون) في بيشاور تحت اسم (مكتب الخدمات)، وكان ينسق أعمال المجاهدين العرب الذين يشتركون في الجهاد الأفغاني. وقد دفن في نفس اليوم الذي استشهد فيه في مقبرة (بابي) قرب بيت الشيخ سياف وسط عدد كبير من المشيعين العرب والأفغان.
عبد الصمد:
يعتبر عبد الصمد الجزائري أول شهيد صحفي في أفغانستان، ويبلغ من العمر 27 عاماً، ولقي الشهادة -إن شاء الله- أثناء اشتراكه مع المجاهدين في معارك جلال آباد في ديسمبر 1985، وكان يعمل مراسلاً لمجلة (الجهاد)، ولم تكتب (الجهاد) حول حياته وإنما عزت عائلته في المجلة ونشرت خبر استشهاده، وقد دُفن قرب جلال آباد[2].
أبو حسام:
سوري الجنسية، صحفي مصور فيديو يعمل لحساب مجلة (البنيان المرصوص) وقد قتل في 16 مارس 1989 في جلال آباد، ونقلت وكالة أنباء البنيان الخبر فقالت: استشهد أبو حسام مصور البنيان والبالغ من العمر 33 عاماً وكان يصور المعارك الحامية في (كاريز الكبير) في ضواحي جلال آباد، وقد قتل أثناء القصف العشوائي من قبل طائرات نظام كابل على مواقع المجاهدين، وقد نقلت جثته إلى مقبرة الشهداء في (بابي)، وخلّف وراءه أرملة وطفلين وخمس بنات.
عابد الشيخ:
صحفي عربي ولد وعاش في الكويت، وهو شقيق (زاهد الشيخ) مدير لجنة الدعوة الإسلامية في بيشاور، وقد قُتل (عابد) مع ثلاثة عرب آخرين في انفجار لغم قرب جلال آباد أثناء القصف الجوي الذي تعرضت له (ثمر خيل)، ويبلغ عابد من العمر 27 عاماً، ويعد أحد أعضاء هيئة تحرير مجلة (البنيان المرصوص)، وكان استشهاده في (باركار) أحد المواقع العسكرية جنوب جلال آباد في السابع من أبريل 1989، وخلّف وراءه أرملة وطفلين، ودفن في (بابي) أيضاً وسط حضور عدد كبير من المشيّعين العرب والأفغان بالإضافة لرئيس حكومة المجاهدين الانتقالية الشيخ سياف.
زكريا (أبو معاذ):
صحفي عربي من مدينة (حلب) السورية، وقد قُتل في معارك خوست في 30 أغسطس 1989، وكان يشارك بالقتال مع جماعة الشيخ (حقاني) وهو من المقربين له، ويبلغ عمره 20 عاماً، وعمل (زكريا) مديراً لمكتب وكالة البنيان في (ميران شاه)، وغطى لوكالة أبناء البنيان مجريات مجلس شورى المجاهدين الذي عقد في راولبندي في فبراير 1989، كما غطى معارك عديدة في داخل أفغانستان وكتب بعض المقالات في مجلة البنيان المرصوص.
أبو محمد:
صحفي عربي من ليبيا، ولد عام 1956 في العاصمة (طرابلس الغرب)، وجاء إلى أفغانستان عام 1988 للمشاركة في الجهاد، وكان يعمل مراسلاً لمجلة (البنيان المرصوص) داخل أفغانستان، وخلال اشتراكه في معارك جلال آباد استشهد في مايو 1990 وخلّف وراءه أرملة وأربعة أطفال.
2 - الصحفيون الأسرى
حسام الدين محمود:
أسر حسام الدين محمود في جلال آباد حوالي أغسطس 1989، ويبلغ من العمر 23 عاماً، وكان يعمل مخبراً لصحيفة (الجمهورية) المصرية، وقال إنني جئت لأفغانستان كصحفي، وحكم عليه نظام كابل بالسجن لمدة 20 عاماً، وثمة صحفي مصري آخر أُسر قبله أيضاً في داخل أفغانستان حوالي عام 1983 وظهر على تلفاز أفغانستان ثم أطلق النظام سراحه، لكن لا يتوفر لدينا معلومات عنه.
أبو عمر:
يبلغ من العمر 32 عاماً، مهندس فلسطيني تخرج من باكستان وكان يعمل لحساب مجلة (الجهاد)، ثم انتقل للبنيان المرصوص ليعمل (مصور فيديو)، وأثناء اشتراكه في معارك جلال آباد كمصور فيديو تم أسره مع عربي متطوع آخر في أغسطس 1989، وهو متزوج وله عدد من الأطفال والبنات، والأنباء حوله متضاربة، نظام كابل يقول أنّه قد قتله، وبعض المجاهدين يرفضون هذا الادعاء[3].
3 - الصحفيون الجرحى
عصام دراز:
في أواخر نوفمبر 1987 تحطمت طائرة باكستانية قادمة من لاهور إلى بيشاور قرب مطار الأخيرة، وكان من بين الناجين صحفي مصري يدعى (عصام دراز) أصيب ببعض الجروح الطفيفة، وهو ضابط مصري قديم شارك في حرب الأيام الستة عام 1967 بين العرب واليهود، وفقد خلال هذه الحادثة فيلم فيديو كان قد سجله داخل أفغانستان، ويحتوي الفيلم على صور نادرة والذي كان من المفترض إخراجه بخمس لغات، العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية، وقضى كثيراً من وقته داخل أفغانستان في الإعداد له.
صحيفة باكستان تايمز الصادرة في لاهور أجرت مقابلة مع (دراز)، وقدرت خسارة الفيلم بحوالي 100 ألف دولار.
صالح الهامي:
صحفي أردني يعمل مراسلاً لمجلة (الجهاد) داخل أفغانستان ويبلغ عمره 26 عاماً، وكان قد تخرج من جامعة اليرموك الأردنية قسم الصحافة، وبترت إحدى قدميه إثر انفجار لغم أثناء مشاركته في معارك خوست في مايو 1990، وتمت معالجته في المملكة العربية السعودية وعاد ليستأنف عمله، ويذكر أن الصحافة العربية في بيشاور تقوم بنشر حياة الشهداء العرب الصحفيين مع وصاياهم.
المصدر:
مجلة المجاهدون - العدد السادس والعشرون
رجب 1411هـ / فبراير 1991م
[1] انظر صحيفة السياسة الكويتية: 6 مارس 1990.
[2] انظر مجلة الجهاد - عدد 10 الصادر أول يناير 1986.
[3] عندما سألتُ مندوبة تقرير (آسيا ووتش) Asia Watch المعني بحقوق الإنسان في آسيا وعَدَت بأنها ستسأل نظام كابل في رحلتها القادمة إلى كابل، وفعلاً سألت الأخير عن (أبو عمر) ولم يعط نظام كابل أي معلومات عنه، واكتفى بالقول أنّهم لا يعرفون عنه شيئاً. "وضعت هذه المعلومة في الهامش لأنها ليست من صلب الرسالة، وإنما وصلتني بعد مناقشة الرسالة".