خطواتٌ عمليَّةٌ لقتال اليهود
ما إنْ تتعرض دويلة اليهود إلى هجوم أو خطر محتمل؛ حتى يسارع حلفاء اليهود إلى تقديم دعمهم الشامل واللامحدود، وهذا ليس جديدًا ولا مستغربًا وإنْ جاء هذه المرة أكثر حِدّة، كما ظهر جليًّا في خطابات القادة الأمريكيين التي طفحت بالتهديد والتحريض "غير المسبوق" على غزة بكل من فيها! وسرعان ما تُرجمت هذه الخطابات "الصليبية - اليهودية" إلى حملة واسعة من القصف الهمجي لتدخل غزة في دوامة "غير مسبوقة" من الألم والمجازر والأشلاء، والله المستعان.
وفي كل مرةٍ تتجدّد فيها المواجهة مع اليهود على الساحة الفلسطينية؛ يتصاعد الحديث حول الخطوات العملية لقتال دويلة اليهود، وسُبل نصرة فلسطين خصوصًا ممَّن هم خارجها، وتتفاعل أطراف كثيرة مع ذلك دون أنْ تقدِّم رؤيةً شرعيّةً شاملةً تصحُّ أنْ تكون مشروعًا أو سبيلًا عمليًّا لتحقيق "الوعد الإلهي" بزوال دويلة يهود.
في حين يبقى المشهد الفلسطيني على حاله؛ في ظلّ استمرار الوهم السائد أنَّ بالإمكان تحقيق ذلك "الوعد الإلهي" عبر القتال تحت راية "المحور الإيراني" المعادي المحارب للمنهج الإلهي!، أو من خلال الانخراط في تحالفاتٍ وطنيةٍ أو قوميةٍ تُهمل بالأساس الغاية الشرعية من القتال، وفي ظلّ الإصرار والافتخار باحترام والتزام "القوانين الدولية" الجاهليّة! وفي ظلّ التأكيد على أنَّ المعركة والعداء مع اليهود ينحصر داخل فلسطين! ولا علاقة لهم بقتال اليهود خارجها.
شرعيًّا وعمليًّا، فإنّ الاقتصار على قتال يهود فلسطين مهما بلغ من نكاية؛ فليس كافيًا لتحقيق القضاء على اليهود، لأنَّ دويلة يهود في تركيبتها منذ البداية قامت بالاعتماد والاستناد على "حبل من الناس"، فاليهود على مرّ التاريخ لم يتمكنوا من النهوض إلا بالاتكاء على أطراف أخرى سخَّروها لخدمتهم بالمكر، فقد أقاموا دولتهم بدايةً اتكاءً على بريطانيا، ثم احتماءً بأمريكا، وأخيرًا بتطويع حكومات الردة.
بل إنَّ المتأمل لخطابات ومواقف القادة الأمريكيين المتباكين على الدم اليهودي من "الجمهوريين أو الديمقراطيين" وهم سيَّان؛ يدرك حجم السيطرة اليهودية على دوائر صنع القرار الأمريكي والأوروبي، وحجم الضغط الذي تمارسه عليهم "جماعات الضغط" اليهودية التي تعيش وتفرِّخ في أحياء أمريكا وأوروبا، وتسيطر على مفاصل الاقتصاد والتجارة والإعلام الغربي، وتتدخل في رسم سياسات هذه الدول وتعقد حبال المكر بما يضمن الحفاظ على المصالح اليهودية.
والحال نفسه عندما يتعلق الأمر بالحكومات والجيوش العربية المرتدة التي تُعدّ هي الأخرى طرفًا مِن حبال المكر اليهودي التي تخنق "الشعوب" لإبقائها بعيدة عن تهديد مصالح اليهود أو مهاجمة دويلتهم، وهو ما يفسّر سبب استماتة اليهود في "تطبيع" علاقاتهم مع هذه الحكومات المرتدة.
وبناءً على هذه المقدّمات والمعطيات الشرعيّة والتاريخيّة والواقعيّة؛ يتضح لنا بجلاء أنَّ السبيل العملي لمواجهة دويلة اليهود تمهيدًا للقضاء عليها؛ لا يتحقق إلا بضرب جميع هذه المكوّنات والتحالفات وجميع المنخرطين فيها، الذين يشكّلون معًا "حصونًا وجُدُرًا وحبالًا" لحماية اليهود وإدامة سطوتهم وسيطرتهم على فلسطين.
وعليه، فهذا تنبيه وتحريض للمسلمين في كل مكان بأنّ أمامهم خطة عمليّة للمشاركة في قتال دويلة يهود وتخليص المسلمين من شرورها، هذه الخطة تتمثل بالسعي الميداني الجاد والسريع لاستهداف "الوجود اليهودي" في كل العالم، أيًّا كان شكل هذا الوجود، وخصوصا "الأحياء اليهودية" في أمريكا وأوروبا والتي تشكّل عصب الاقتصاد اليهودي وبؤر التحكم في دوائر صنع القرار الغربي الصليبي الداعم لدويلة يهود، وبالضرورة استهداف ومهاجمة "السفارات اليهودية والصليبية" في كل مكان.
وبالتوازي مع ذلك، وجوب استهداف خطوط وجُدر الدفاع المتقدِّمة عن دويلة يهود ممثلةً بالجيوش والحكومات العربية المرتدة وتحديدًا جيوش "دول الطوق" التي تطوّق وتخنق فلسطين، وكذلك استهداف خطوط الدفاع الخلفيَّة كجيوش الدول الخليجية التي تحتضن القواعد الأمريكية الداعمة الحامية لأمن دويلة يهود.. فكل هذه الأطراف من الكفار والمرتدين من العرب والعجم، هم حبال دويلة اليهود التي بانقطاعها يتحقق اقتلاع دويلتهم من جذورها.
هذا هو السبيل الشرعي العملي الواقعي لقتال اليهود وتحقيق وعد الله بزوال دويلتهم، كما إنَّ فيه نصرة عملية حقيقية لأهلنا المسلمين في فلسطين، وهو السبيل الذي سلكته الدولة الإسلامية بقتالها لكل هذه المحاور والحكومات والجيوش الكافرة، وما زالت ماضية في طريقها توشك أنْ تصل لمرادها بإذن الله، في ظلّ التغيُّرات والمنعطفات الحادة التي تشهدها المنطقة والتي لا تخرج عن تدبير الله تعالى ومكره لعباده.
ميدانيًّا، وفي ظلِّ الحديث عن إمكانية تعرُّض "القطاع" الصغير القصير لتوغُّل بريٍّ يهوديٍّ سواء في هذه المرحلة أو في غيرها؛ فإنَّ أول ما يجابَه به هو إعداد العدة الإيمانية بتجريد التوحيد لله تعالى، وتنقية الراية التي تقاتل لتحكيم الشريعة الإسلامية وفي إطارها، وليس في إطار "الشرائع والقوانين الدولية" الأمريكية اليهودية أصلا وفرعا.
فإنْ أُحكمت وحُسمت هذه العدة الإيمانية؛ فعلى شباب المسلمين هناك أنْ يأخذوا أُهبتهم ويتزوَّدوا بما توفَّر من العُدة العسكرية المتاحة لهم، لكن نخصُّ منها الأحزمة الناسفة التي غابت عن ساحة المواجهة مع اليهود، فهذه الأحزمة المباركة علامة فارقة بين القتال المكفول بالشرائع الدولية والقتال المكفول بالشريعة الربانية، ونسأل الله تعالى أنْ يحقن دماء أهلنا في فلسطين، وأنْ يكفيهم شرور اليهود والصليبيين.
والخلاصة، فإنَّ لليهود "جُدرًا وحبالًا" يستندون إليها ويقاتلون مِن ورائها للحفاظ على دويلتهم المتهالكة، ولا سبيل لإسقاط دويلة اليهود بغير إسقاط هذه الجُدر وقطع هذه الحبال، حتى يصل اليهود إلى الحدِّ الذي لا يجدون شيئًا يحتمون به ويختبئون خلفه غير الحجر والشجر، عندها سيدرك اليهود أنهم لم يعيشوا "المحرقة" بعد!