السلام عليكم و رحمة الله و بركاته بسم الله و الحمد لله و لا إله إلا الله ثم أما بعد
فإن موضوع الدجال موضوع كبير و أنا هنا سأطرح رأيي الخاص فيه و هو ما فهمته من الأحاديث النبوية عنه .
و أبين بعض الإشكالات و الغرائب و ما بدا للبعض أنها تناقضات في موضوع الدجال .
البداية كانت معي في إشكالات الدجال هي أنني لم أجد أن شدة تحذير النبي عليه الصلاة و السلام من الدجال توازي فتنته و هي خروجه في آخر الزمان و مكثه أربعين يوما يدعي أنه الله - جل الله تعالى – و أنه أعور و مكتوب على جبينه كافر و يكفيك أن تكون في مكة أو المدينة لتتخلص منه أو تقرأ فواتح سورة الكهف !
و أذكر أني قرأت قديما قولا لأحد العلماء ربما يكون ابن تيمية يقول أن فتنة الفرق الباطنية أشد من فتنة الدجال و يعلل ذلك إلى أن فتنة الفرق الباطنية ممتدة طويله و تصيب أكثر ممن ستصيبهم فتنتة الدجال في اربعين يوما في آخر الزمان و الناس قلة !
كنت أدرس عن الفرق الباطنية قديما ولا أذكر من قائل هذه العبارة و لكنها خالفت صريح أحاديث النبي عليه الصلاة و السلام من أن أشد فتنة من خلق آدم إلى قيام الساعة هي فتنة الدجال
و لكن في الحقيقة لو كانت فتنة الدجال بهذه الصورة فقط لصح قول العالم القائل بأن فتنة الباطنية أشر و أعم من فتنة الدجال .
فلا بد من أن فتنة الدجال تكون أعم و أشمل و أخطر من ذلك لذلك قال عليه الصلاة و السلام عنها
( ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال -و في رواية- أمر أكبر من الدجال )
( إني لأنذركموه و ما من نبي إلا و قد أنذر قومه و لقد أنذره نوح قومه و لكن سأقول فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور و إن الله ليس بأعور )
قال عليه الصلاة و السلام ( إن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال و إني آخر الأنبياء و أنتم آخر الأمم و هو خارج فيكم لا محالة ... )
و قال عليه الصلاة و السلام ( ما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا تتضع لفتنة الدجال )
و من هذه الأحاديث النبوية الصحيحة ندرك أن فتنته هي أعظم فتنة في الدنيا و أنها قديمة و جميع الأنبياء حذروا منه رغم أنه لم يخرج بعد ! إذا فتنته شيء و خروجه شيء آخر لذلك قال عليه الصلاة و السلام قولا فيه لم يقله نبي قبله و هو أنه أعور لأنه سيخرج في أمة محمد و سيراه المسلمون .
لذلك أنا أرى ان الدجال حي موجود و أنه قديم و عاصر الأنبياء و كل الفتن منه و أنه منظر ممن قال الله تعالى فيهم ( قال ربي فأنظرني إلى يوم يبعثون . قال فإنك من المنظرين . إلى يوم الوقت المعلوم ) و أن المقصود في قوله تعالى ( و قال الذين كفروا ربنا ارنا الذين أضلانا من الجن و الانس نجعلهما تحت أقدامنا ليوكنا من الأسفلين ) الاثنان هنا هم من الجن ابليس و من الانس الدجال
الدجال هو المدير التنفيذي لإبليس فإبليس غيب من الجن لا نراه و لكن الدجال يقوم بتنفيذ خطته على الواقع بما أنه من البشر و له علاقة بالجن و الشياطين كما أخبر بذلك رسول الله عليه الصلاة و السلام .فتنته هي افساد دين الله الذي انزل على أنبياءه و تضليل الناس بالشهوات و الشبهات عبر العصور و نشر الظلم و الفساد و الانحلال و الربا .... الخ
و لأنه دجال لا ترى الناس تلك الأمور بحقيقتها بل تراها بعد التدجيل فتصبح
حرية أديان و تقدم و حضارة و حرية الفكر و تحرير المرأة و أرباح بنكية و حقوق مثلية ! و شخصية الدجال أيضا فيها إشكالات و أمور غريبة يبدو فيها التناقض و هذا ما استدعاني لأحقق و أدقق في الموضوع
أولا نذكر أوصافه التي ذكرها رسول الله عليه الصلاة و السلام في عدة أحاديث
الأوصاف أنه رجل شاب أحمر قصير جعد الرأس أجلى الجبهة عريض النحر أعور العين و ممسوح العين مكتوب على جبينه ( ك ف ر ) و أنه عقيم . يخرج في آخر الزمان بعد الملحمة مع الروم يدعي أنه الله و ينزل عيسى عليه الصلاة و السلام فيقتله .
الأمر ليس بهذه البساطة و السبب أن رسول الله عليه الصلاة و السلام كان يشك أن الطفل صافي بن صياد في المدينة هو الدجال ! و الصحابة بعضهم يقسم بالله أنه هو الدجال و الصحابة هم الذين نقلوا لنا دين الله و رسوله .
و حديث تميم الداري في الجزيرة أنه قابل الدجال و رآه مكبلا بالسلاسل و الرسول عليه الصلاة و السلام صدقه . !
و الرسول عليه الصلاة و السلام قال عن الدجال أنه يشبه بن قطن رجل من خزاعة
فصافي بن صياد طفل لا يشبه بن قطن الشبيه بالدجال و الرجل الذي رآه تميم لا يشبههما
بن صياد طفل في المدينة عمره تقريبا 10 سنوات و الرسول يشك فيه أنه الدجال
و الرسول يقول أن الدجال يخرج في آخر الزمان و أن الأنبياء قبله حذروا منه بآلاف السنين و النبي عليه الصلاة و السلام لا يشك بصافي بن صياد من فراغ و هو الذي يأمرنا بإحسان الظن و حديث تميم صحيح و أحاديث الدجال في آخر الزمان بوصفه المختلف عنهما أيضا صحيحة
و بما أن الدجال لا يموت ولا يقتل إلا على يد عيسى عليه الصلاة و السلام و أنه معه خوارق فلذلك أنا أرى أن الدجال عنده القدره على تقمص الشخصيات و التنقل من مكان إلى آخر .
نعم عنده القدره على أن يظهر بعدة شخصيات عبر الأزمنة التي عاشها . و هذا جزء من فتنته . و كل شخصية في التاريخ سببت فتنة كبيرة خصوصا في افساد الدين و نشر الشهوات و الشبهات يحتمل أن تكون الدجال بشرط أن هذه الشخصية مثبتة تاريخيا ويحوفها غموض و غرائب .
أمثلة على شخصيات يحتمل أن تكون شخصيات تقمصها الدجال
السامري . القديس بولس . صافي بن صياد . عبدالله بن سبأ . الكونت سان جيرمان ...
خروج الدجال يكون في آخر أمة الاسلام و هو أحد علامات الساعة العشر الكبرى
و بما أن علامات الساعة الكبرى قريبة من بعض فهو سيكون في تلك الفترة
و يغلب على ظني أنه بعد آية الدخان العظيمة التي لن يغيب عنها أحد حين تحدث
و هو يخرج في زمن خلافة للإسلام و المسلمين في الشام
و بعد الملحمة التي ينتصر فيها المسلمون على الروم
هذه الحالة العامة لزمن خروجه و لكن مع ذلك لا أظن أنه سيكون بهذه البساطه
لأن الدجال لن يصبح أعور و يعرفه المومنون إلا حين يدعي أنه الله – تعالى الله –
و حين يدعي أنه الرب حينها يبدا العد التنازلي له و هو أربعون يوما يوم كسنة و يوم كشهر و يوم كاسبوع و باقي ايامه عادية ما مجموعه تقريبا 430 يوم يطوف الارض كلها كأعظم فتنة في الدنيا لأنه يكون بكامل قدراته .
فقد يخرج قبل أن يدعي أنه الله و يصيبه العور و يدعي الاصلاح و الحرية و التقدم و الانسانية و يفتن الناس كقائد منقذ للبشرية . و هذا ممكن حدوثه بعد حرب عالمية كبيرة او انهيار اقتصادي عالمي يتحطم فيه شكل عالمنا الذي نعيشه اليوم العولمة .
في النهاية هذا مجرد اجتهاد شخصي قابل للنقد و التصحيح . و لم أرد أن أكتبه كله بالأدلة و التفاصيل وانما أحببت ان اشارككم في الفكرة العامة عنه . و شكرا للجميع .