بسم الله الرحمن الرحيم
مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا
في قصة غلام الأخدود صعدوا به لأعلى الجبل ليطرحوه فقتلهم الجبل !
صعدوا به قرقور وفي وسط البحر ، قتلهم البحر وفي كلا الحالتين نجى الغلام
بلغ من عِظم النار التي سُعّرت لإبراهيم ﷺ
أنهم ما استطاعوا إلقائه فيها إلا بالمنجنيق ! . سقط من علوّ + نار تلظّى = نجاة الخليل ﷺ
{ الجبل ؛ البحر ؛ النار } : جمادات لا عقل لها ، جُعلت في ذات الوقت ؛
عذاب لقوم ونجاة لقوم ! لن يُهلكك إلا الله ، وليس سواهـ
حوت ضخم ذا جوفٍ عميق , ينزل لمستويات في المحيطات قاتلة من ناحية الضغط !
بهدوء وسهولة , ينجو يونس ﷺ في أغرب مسكن يقطنه بشر !
إنه الله
فيل أهوج , ومدرّب على التحطيم والدهس والهدم / يقف صاغراً أمام بيت الله بمكة
ولا يتزحزح لو أندلقت أقتابه , تغيّر مفاجيء في سلوكه!
إنه الله
حكم الأرض كلها ؛ أربعة ملوك ، إثنين منهم كافرين والآخرين مؤمنين !
أول من حكم الأرض { النمرود } ودانت له الأرض ، فأنذره إبراهيم ﷺ من الله
قال النمرود : إن كان إبراهيم حقاً ما يقوله , فلا أنتهي حتى أصعد السماء !
فطار بتابوت مربوط بنسور جائعة وأمامها لحم مربوط ، فهناك رمى سهامه !
فأعادها الله إليه ملطّخة بالدم !
فظن وأفصح لمن حوله , أنه قضى على أعداءه بالأرض وكذلك بالسماء !
فأرسل الله له [ باعوضة ]
قتلته !
أضعف جيش لنبي من الأنبياء , كان من نصيب موسى ﷺ
حتى أن الله عاقبهم بالتيه !
رفض الجميع مقاتلة فرعون وجنوده !
بقي موسى ﷺ وحيداً , والموت المحقّق
إنه الله جلّ جلاله , من سيجعل من { عَصا الرعيان والمتوكئين }
بيد موسى ﷺ سلاحاً فتّاكاً , فيقضى على جيشٍ عرمرم
جُمع بأيام متتالية من الأمصار!
إنه الله
يا الله
سبحانه !
فقط هو الله الذي يجعل من
{ برّ ابن لوالديه + عفّة شاب عن الزنا + أمانة تاجر يؤدي أمانته لأهلها }
صخرة تتحرك بمفردها , ليعيشوا
والله يا رسول الله , لو نظروا أسفل أقدامهم لشاهدونا !
إنه الله , إن كان معك ..
فبقدور { بيت عنكبوت واهن وضعيف وليس العنكبوت }
يُبعد عنك القتل !
يستيقظ العتاة صباحاً , فيوقدون نار تنورهم ويضعون خبزهم !
عادي جداً , إنه الله , الذي يغطّى اليابسة كلها بالماء من [ تنور ]
تنور يقتل البشر جميعا !
وصل ببعض اللصوص من الفساد والإجرام والخُبث , أن يقطع الطريق على الضعفاء
فلا يكتفي بسلبهم وأموالهم فقط , بل يقتلهم أيضا !
فهو يسلبك كُلّك !
تاجر مؤمن يستأذنه فقط , بـ سجدة !
إنه الله
الذي بسجدة من سجداتك وعبارة تخاطبه بها ونداء غوث تستنجده !
يُرسل مَلَك , ليقتل عدوك ويعيد مالك وروحك
آيتين : ما ظننت أني أنجو منهما !
فإن نجوت منهما , فإني أرجو النجاة :
{ ما لكم لا ترجون لله وقارا }
{ يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم }
إنه الله , الذي حينما طُلب نسبه , تلآ ﷺ :
{ قل هو الله أحد ؛ الله الصمد ؛ لم يلد ولم يولد ؛ ولم يكن له كفواً أحد }
لا كفوء يماثل الله !
لا كفوء يقارب الله !
أو حتى نظير يدانيه !
بل حتى شيء , يستحقّ أن يوضع بمجال مقارنة أو مواجهة أو مماثلة أو مناظرة مع الله !
إنه الله العظيم
تجلس عائشة رضي الله عنها , بقرب ستارة تحيل بين اثنين يتناجيان !
لا تسمعهما , ولكن الله يسمعهما , كما سمعه النبي ﷺ !
لكنه الله , يرى ما في الصدور
قد خلق الله , آدم عليه السلام , فمسح على ظهره, فخرجت كل نفسٍ منفوسة
{ سَتُخلَق لاحقاً }
فقال لهم : ألست بربكم ؟
قالوا : بلى !
أخذ ميثاقهم , قبل خلقهم !
بلغ من منّة الله على بعض البشر , أنه جعله من جملة الخالقين !
ولكنه الله , الذي هو أحسن الخالقين !
فقد خلق كائن , وخلّق منه كائنات تُخلق منه !
فبصعوبة تخلق وتنشيء خلقاً جديدا
ولكنك تستخدم حديد وأسلاك وزجاج , وهذه مخلوقات الله
لكنه الله الذي يخلق من العدم ويخلّق من خلقه خلقاً آخرين
أنت خالق رجل آلي !
وخلقته من مواد ومن مخلوقات الله
أفلا تستطيع أن تخلق ما تريد , من دون أن تعتمد على خلائق الله ؟
فضعيف في كل أمورك يا إنسان
بمطرقة + إزميل :
تصوّر تمثالا وصنماً / جامداً
لا روح فيه ولا حياة !
تضاهي خلق الله وتصويره وتنسخها نسخا بلا إبداع !
ثم بكل غباء تعبده !
فإن كان الشيطان , مَكَرَ بعبدة الأصنام ليشركوا بالله !
فقد فُتنوا بتخليق شيء جديداً وسمعوا صوتاً بجوفه يخاطبهم
وهو الشيطان فعبدوا موجوداً !
وهي أغبى خديعة للشيطان , يكررها لكل جيلٍ وجيل !
يصوّر لهم موجود ، ويوهمهم نفعه وضره ، ويستبدلوه عن الله !
مع إن الله موجود وحاضر ولكنهم لا يفقهون
فما ظنّك بمن يستبدل مثيله عن الله !
حصب جهنم , كثيرٌ منهم مَن استبدل إنسان مثله , بالله !
يأكل كما يأكل ، ويشرب كما يشرب ، ويتغوّط مثله !
قالها ربعيّ رضي الله عنه : أتينا لنخرج العباد من عبادة العباد , لعبادة رب العباد !
فاستبدالك لشخص مثلك , بالله :
تعبده / لها صور عديدة.
الله يصوّر ثم يخلق ثم يُبريء !
الإنسان يصوّر كما صوّر الله , وربما خلق ما صوّره :
ولكنه لا يبريء أبداً !
كمثل الرجل الآلي أو الصنم والتماثيل
وربما صوّر صورة جديدة , فلا يقدر على خلقها ولو جمع لها الإنس والجن وأخذ عُمُر الأرض
يرسمها بدفتره ولا يقوى على خلقها وإلا لزاحمتنا مخلوقاتهم
ولكن الله تعالى : صوّر آدم عليه السلام
{ في أيّ صورة ما شاء ركّبك }
تعني : أي تصويره يليه تخليقه لما صوّره بدقّة ولا عوج أو خلل ثم برأه
ولهذا قال : أحسن الخالقين
ربما يخلق البشر , خلق أي يصنعون :
قدر وملعقة ويد آلية وسيارة
لكنهم لا يشاركوه في الباريء , يعطي الحياة لما خلقه
ارسم أخطبوط , اخلقه من أي مواد تشاء
فلن تستطيع تخليقه وتركيبه كما تخيّلته وصوّرته !
فإن فعلت ، فأوهبه روحاً وحياة !
لن تستطيع مطلقا
لكي تخلق أخطبوط , يجب أن تستعد أن تخلق له [ ثلاثة قلوب ]
ليس بعد , فلم أتحدث عن كيف تجعله يتحرك !
ولا عن أذرعه العديدة ، ولا عن عينيه
[ قلب ] أخلق لي قلباً فقط ، فالبعض يحتاج لاستبدال قلبه
بقلب جديد !
أنت إنسان . . وأما هو
فإنه الله تعالى : في أيّ صورة شاء ركّبك !
أرأيت ..
إن نجوت من آيتين ، فإني أظنك من الناجين :
{ وما قدروا الله حقّ قدره }
{ يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم }
اجب !
اصمت , مثلي
ولهذا قال لي رجل عاميّ , كنت لا أتدبّر القرآن
فقلت لنفسي يوماً : القرآن لو نزل على جبل , لهدّه وجعله دكا !
فلم مهما تدبرته لا أشعر به !
قال العاميّ : فقرأت سورة [ ألهاكم التكاثر .. ]
مرة ثم عدتها ووصلت لتكرارها متتالية لقدر أربعين , وبتأني ولم أشعر بشيء !
فعزمت على المُضيّ بتكرارها ..
فعندما جاوزت بقرآئتي لسورة [ ألهاكم التكاثر ]
في جلسة واحدة , أكثر من سبعين مرة / تزلزلت !
شعرت بشعور لا يُوصَف !
بالفعل , ليس كأي كلام
القرآن / إنه كلام الله !
زلزال اجتاحني وهدّني , في جهة جوفي هذه المرة !
وشيء نفض قلبي وولجه وسكنه وأثّر به وخاطبه وسمعه ووعاه , وبدأ ينصت له
الكل يسمع كلام الله , حتى الكافر
وحتى الشيطان والحجر والشجر , والكلب أجلّكم الله !
أنت مؤمن .. لا تسمعه
بل انصت له لعلك تُرحم !
أنزل الله ربي وخالقي وسيدي ومولاي كلامه / لننصت له !
بقلوبنا , وهو موضع نظره أي قلبك !
فعندها تعي كل شيء تحتاجه بهذه الدنيا .. وتصبح غني !
إنسان ابتدأت نشأته بنطفة .. ثم خلقه الله ووهبه حياة ..
فيعيش طيلة حياته , وهو يحمل في بطنه , عذرة !
يتوارى الفقير والملك عن الناس ليطرح عذرته !
تؤذيه عذرته إن لم يطرحها من جوفه ويخرجها من دُبره ويتخلّص من بقائها في جسده !
ويرتاح إن فعل , ويكره رائحتها وشكلها
ويتأذى غيره إن مرّ بها !
وإن طال بقائه على الأرض ولم تُقبض روحه ، فلا مناص من ضعف لضعف حتى يموت جسداً خاوياً !
ومهما بلغت أمواله أو وجاهته وملكه ومكانته , سيُدفن !
يُسارع محبوه وعبيده وابناءه وزوجاته وشعبه ليواره في الأرض ويحثون عليه التراب !
لأنه جيفة منتنة ، لا ينفعه طيب أو طبيب . .
مصيره , سوءة تُدفن
ولهذا , كانت بداية الإنسان النطفية ومرحلة اطعامه واخراجه العذرية ثم موته النتنة
آية ليعرف قدر نفسه !
فيصل ويعي ويفهم ويؤمن بـ عبادة رفيعة :
{ تقدير الله, تعظيمه , توقيره , محبته , تبجيله , تنزيهة , ...}
وفي ذات الوقت : رؤية أن الموجود كله مخلوق / خلقٌ من خلق الله : وأنه لا كفوء لله من خلقه
لا يُعظّم من نشأته من نطفة , تعظيما لا يليق صرفه إلا لعظيم !
ولو كان حبيب الله محمد ﷺ أوخليل الله إبراهيم ﷺ أو ملائكته المقربين , الذين لا يعصونه
ولا لشهيدٍ , وهب روحه لله وبذل ماله له وفتّت جسده في مرضاته !
بل تضع كل شيء في موضعه , ولا تغلو فيه !
فتوقيره ﷺ وتعزيره ليس تعظيما له ..
فمحمد ﷺ سيسكن تحت عرش الرحمن , وسيكون سقف قصره / عرش الرحمن !
فكل البشر تحت منزلته بما فيهم أبيه آدم وغيره . . لكن ومع ذلك هو بشر , أحبه الله
محمد ﷺ : نذير وبشير , أرسل للناس من عند الله
أنت كمؤمن ، تستفيد من ذلك ، أن تجعله ﷺ أسوة وقدوة تحتذي بمسيره وعبادته لله
فأحب الخلق لله , إنما جُعل لك / لتتأسى به . .
كيف يريدك الله أن تعيش بالأرض ، وكيف تعمل ، وماذا تقول ، وكيف تقضي وقتك وبما تحكّم بها أمورك
فاصطفاه الله تعالى لتتأسى بتقواه , فهو أتقى بشر وتحتذي بأخلاقه
فهو ﷺ أحسنهم وأكمل بشريّ , خُلقا. .
فهي أكمل سيرة للإنسان , أُعطيت لتحتذي بها
وقد وصلت قدوتنا ﷺ
للدرجة أنه لم يضع سيفه عن رقاب المشركين والضالين والمجرمين أعداء الله وعبّاد الشياطين
وقد هجم على قرية فقتل كل بالغ فيها !
وأُمرَ ﷺ أن يقتل كل من استبدل الأصنام والأشجار والإنسان بالله..
بجزيرة العرب , وأن لا يقبل منهم عذر وأن يعلن لهم أنه متبريء منهم وسيلاحقهم ..
وأنه ﷺ
سيقاتل من دونه ويقعد لهم كل مرصد ويغلظ عليهم
ويشتدّ عليهم ويذلّهم ويعاملهم بدونيّة وأن تُعطى صلاحية لهم للبقاء أحياء بدفع مالهم مرغمين ..
كل ذلك , لتفهم حقيقة :
لماذا قال الله تعالى [ لتؤمنوا به ... وثم قال : تعزروه وتوقروه ]
ولم يقل تعظموه !
لأن التعظيم عبادة جليلة لا تُصرف إلا لله .
فمن سيُعظّم , ومن سيُبجّل , ومن يُتذلّل له غاية الذلّ , يستحق أن يتكبّر
لأنه يقدر على مُلكه !
فهو قاهر وقادر وبشرط أن لا يُعجزه شيء مطلقا !
مثال : فأنا سأعظّم شيء , وقد صار عليّ مرض :
والشيء هذا , لا يستطيع شفائي ولا يقدر على إذهاب ألمي !
فلا يستحق تذلّلي له ولا خضوعي عنده عاجز
هل أقتربت للوصول لحقيقة ذنبنا العظيم ؟!
{ وما قدروا الله حقّ قدره } ! .
ﷺ يمرض / ولا يستطيع شفاء نفسه !
ﷺ يُعادى / فلا يستطيع جبر أي مخلوق ليواليه !
ﷺ لم يستطيع التحكّم بقلب وعقيدة أبي طالب - أحرص شخص له ﷺ أن يَهتدي !
ولم يملك أن يزور قبرأمه إلا إذا أغضب الله تعالى وأذنب في البراءة من المشركين
دخل على عائشة رضي الله عنها وهو يعاني من ألمٍ في رأسه !
عجز مخلوق !
مع إنه ﷺ عُرج للسماوات وكلّم الله ورأى ملائكة الله المقربين ورأى الجنة
إنه ﷺ أعظم مخلوق !
ولكنه أيضاً ﷺ عاجز , بعجزه البشري الذي خلقه تعالى وسنّه على كل بني آدم !
فهو أيضاً , لن يملك إلا الخوف والخشية منه عزّ جلاله !
ألا تعلم , أنه ﷺ { قد عرف الله تعالى , بمعرفة تفوق كل الخلق وكل البشر }
وهو يرجو النجاة ويحسن ظنه بربه ولا يملك إن حُشر يومها من قول : اللهم سلّم
ولو كان ﷺ له قدراً يفوق ما قُدّر له أو منزلة لمن يستطيع نفع نفسه , لما حُشِرَ مع الأولين والأخرين !
وكتب له أن يستأذن الشفاعة قبل أن يُشفّع !
وهذا هو أسّ البلاء منذ عهد نوح ﷺ / ترفع بشريّ أو مخلوق فوق منزلته ومن ثم تعظّمه !
بهدف استجلاب نفعه أو دفع ضرّه !
فرعون عُبِدْ / نفس الغباء !
النمرود الأحمق , لم يفهم حقيقة التعظيم , فصُفع صفعة بحقيقة , أخرسته !
أوقع ضُرّ / قتل رجل !
ادفع مضرة / يعفو عن محكوم بالاعدام !
عجز عن القدرة !
فلا يُعظّم إلا قادر !
وقاهر
وغالب
وجبّار
وعزيز
وملك
وخالق
وخلّاق
ومصوّر
وباريء
وغنيّ
ورزّاق
ولا يقع ضرّ
إلا بإذنه
ولا تحلّ منفعه إلا منه
فبشّار الخنزير , تعدّد عجزه وفشله بشتّى الأمور فلو نظر يوماً لما في بطنه , لما تجبّر !
وتكبّر , ولو تفكّر بخاتمته مهما طال بقاءه لما اغترّ وأجرم !
بشّار حاكم أو ملك حقير ووضيع وعاج / لأنه يملك قدرة محدودة ويفعل فعلاً , سُمحَ له من العظيم جلّ في علاه.
ظنّ أنه قاهر لشعبه ويملكهم ويتصرّف بهم
فلما خرج السوريين عن طوعه وعن أمره !
أنتقم منهم وأجرم بحقهم , ظناً منه بعظمته وعزّه وأحقيّته بملكه ومكانته !
أنه سيقدر عليهم وسيفعل بهم ما يريد !
ولكن الحقيقة المؤلمة والتي يجهلها مردة الإنس كبشّار أنه :
سيرمي برميل متفجّر
سيُطيّر طائرات قاصفة
سيطلق صواريخ مدمّرة
سيجيّش جنداً لأعداءه
لكنه لن يملك القدرة على قتل من يريد !
حتى لو أسقط برميله المتفجّر على منزله وهو متيقّن بتواجده في داخله !
فربما لن ينفجر ، أو يكون بسرداب ..
أو ربما يتهدّم عليه المنزل , جرّاء البرميل شديد التفجير :
فيسقط عليه حائط يحميه ويحول بينه وبين النيران والهدم وكتل الحجارة !
وقد حدث مرارا
هو في الحقيقة , وكل الطواغيت العُتاة :
لا يملكون إلا القدرة على { ضغطة الزِّرّ }
فينطلق الصاروخ للمكان المُراد تدميره !
قدرة أو قدرتين فقط
لكن من عظمة الله , أنه له القدرة الكاملة والقاهرة , فلا يعجزه شيء يُريده !
من سيُقتل !
من سينجو !
من سيتواجد !
من سيغادر !
من سيُجرح !
صغيره وجليله
الله له القدرة أن يرى الصاروخ قبل إنطلاقه وبدايات إنطلاقه ومساره ومتابعته والتحكّم به
والسيطرة عليه وإمضاءه أو منعه وتحديد حجم دماره وتقديره
بل إنه الله , الوحيد الذي يعلم كم حبة رمل ستسقط من الصاروخ وكم ذرّة حجر تتساقط
وأين موضع كل حبّة ومكان كل ذرّة وتحرّكها قبل وصول الصاروخ !
لا يقشعّر بدني وأُذهَل من مثلٍ ضربه الله بكتابه
مثل ضربه لمثل { الذبابة } !
إن قلت لك ذبابة تغضب وتشتاط غيضاً لإهانتك , بتشبيهك أضعف مخلوق !
الملك الغنيّ , صاحب الجاه والعزّ والجند الكبير ..
سلمان السلولي مثلاً :
يجلس بمجلسه , فتأتي [ ذبابة ] على طعامه
فتسلب الملك شيئاً من مُلكه !
أضعف وأحقر ومن أصغر المخلوقات , تسلب من تكبّر وتجبّر وبغى وفَجَر وطغى , وظنّ أن لن يُقدر عليه !
ذبابة تدخل مجلس ملك فتأكل من طعامه رغماً عن أنفه
لا يقدر أن يمنعها ، بل الغالب أنه لم يعلم أنه سُلِبْ ولم يدري أنه اغتصب من ما يملكه ولم يراه !
فمن أحقر ؟
ومن أضعف ؟
ومن أعجز ؟
ومن أتفه؟
المثال , ليس كذلك !
بل التحدّي الذي ضربه الله تعالى , لكل الخلق :
الطاغية والطائع , المستبدّ والمسلم , المتفرعن والخاضع :
أنه عرف أنه سلبته الذبابة !
وبعد أن عرف أعظم ملك أو أحقر إنسان بأن ذبابةً سلبته من طعامه
كان التحدّي الإلهي ليوم القيامة ولكل إنسان هو :
قال تعالى :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ )
نفرض أن البشر أصيبوا بفايروس الخنزير جميعاً , وأنهم أصبحوا على قلب صليبي واحد , وإنهم يجتمعون كل أحد عند القدّاس بكنيسة هيئة الأمم المتحدة
وأن الشيطان أصبح يظهر لهم رسمياً بشحمه ولحمه !
ومعه مردة الجان :
فدخل عليهم الملك السلولي
" سلمان بن عبد العزيز "
صائحاً : سلبتني ذبابة طعامي !
وأبشركم أيها الجمع اللعين , أنني قبضت عليها وحبستها بصندوق زجاجي !
فأريد منكم يا أرذل خلقه , أن تعيدوا لي هيبتي وتلقنوا الذبابة درساً لن تنساه
ولتكون عبرةً لذباب العالم !
فيعتبر البشر والزواحف والمفترسات والآكلة مقلب بنفسها
وتتعظ من الذبابة حتى الباعوض ، وسأعطيكم ألف مليار دولار
فاجتمع الإنس والجن على صعيدٍ واحد وتشاوروا وتناقشوا
وجلبوا أدواتهم وقدرتهم وإمكاناتهم ووفروا قوتهم وسخّروا عقولهم وذكائهم وآلاتهم وخبراتهم
وجلسوا لذلك بهناء وهدوء وعلى قلب واحد أكثر من ألف عام
أمام قفص الذبابة الزجاجي :
ليستعيدوا سلبها الذي سلبته !
فلن يقدروا !
ولا أي بشر !
فهل علمت أيها الإنسان , ما أشدّ غرورك بنفسك ؟!
وأنت تقف عاجزاً ذليلاً حائراً :
أمام أضعف مخلوق / لا تستطيعها منعها من سلبك أو إعادة ما تسلبه !
فإن علمت هذا ووقر بقلبك , فحينها :
أعقد التعظيم لله وأصرفه له وحده , بصدق ونزاهة ومجاهدة ومراقبة حتى تعقد بتعظيمك له :
ولائك لعباده وبرائتك من أعداءه
فهذا أوثق عرى الإيمان بالله , أن توالي فيه وتبغض فيه وتعادي لأجله وتحب فيه وتحارب بسبيله
وتَقتُل بأمره وتُقتَل لدينه الذي أرتضاه لك وأعتقدته
ثم أعلم بأن أعظم ما تتعلّمه هو معرفته سبحانه وتعالى :
ليقودك ذلك لتعظيمه وإرضائه بما يريد منك وأرتضاه لك. .
وبهذا تعي لمَ قيل أن أفضل العلوم :
هو التوحيد وهي العقيدة التي تعتقدها وهي المعارف التي توقر في قلبك وتستقر بفؤادك. .
وأعظم ما في التوحيد هو معرفة الله تعالى , ولا سبيل لذلك إلا
إلا بمعرفته من خلال { أسمائه وصفاته عزّ وجلّ }. .
فابحث عنها وادرسها واسعى لها واجتهد في تحقيقها , وثابر في تحصيلها , واستعن بالله أولا وأخرا
تعلّم أحكامها واحفظها واسبر غورها وتأملها وتفكّر بها , لترتقي حينها لمصّاف العارفين
بالله فقد نزلت آيات على نبيك ﷺ بكى منها الليل كله, وقال :
{ لقد نزلت علي الليلة آيات ويل لمن قرأها و لم يتفكر فيها }
ويلٌ لمن لم يتفكّر بـ ماذا يا رسول الله , عليك صلوات ربي وسلامه :
{ إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب }
" قال : آيات .. "
جعلها كثيرة وعديدة ومجهولة ومنكرة / لتبحث عنها
اضغط : تفسير آواخر سورة آل عمران
شرح بسيط لتفسير أواخر سورة آل عمران . .
يا مسلم
ويا مسلمة
ما وضعته شيء يسير ونقطة في بحر ما [ أبكى ﷺ ]
لكنها بداية لك
ولأختم القول بما أحبه لنفسي , وما أظنه نفعني النفع العظيم ألا وهو :
[ كتاب من أجمل وأيسر وأبرك وأنفع المؤلفات . كما أظن , ألزمه وعدّ له كل فترة ]
رابط تحميله : النهج الآسمى في شرح أسمى الله الحسنى
وإن كنت أفضل شراءه ومداومة المطالعة به ومدارسته كل حين
لعلّ حديثي الأخير , أخذ وقتاً في كتابته وربما مثله لمن تابعه ..
وإن كنت ختمته , إلا إنني زوّرت في صدري تتمّته ومتابعة الكتابة عنه .. لغرضٍ وأغراض
فإنه لم يأتي عرضاً !
بل كان له باعثاً وخلفه محفزا , وقد أطلت لأنها لا ينبغي لها ألا تنقطع أو تنفصل
فهي يا أحبة , مقدّمة وحسب , وغرّة للموضوع
وقد أنتهت جلستنا الإيمانية الأولى ، لندخل لاحقاً بإذن الله بصميم موضوعنا ونتفرّع بتشعباته بقدرة الله وتوفيقه
8/2/2021, 11:20 pm من طرف بشرى الإسلام