السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
سبحان الله العظيم من أجمل و أقوى المخلوقات التى يمكن أن تراها الخيول ،
تنظر الى جمال منظرها و قوة أجسادها لتتعجب من قدرة الله عز و جل ،
و تراك عند رؤيتها و هي تنطلق مسرعة تقول " سبحان الله " من ذلك الجمال و تلك القوة ،
و بسبب قوتها و سرعتها في الجري و سهولة توجيهها بواسطة راكبها ،
كانت الحروب في الماضي تعتمد على الخيول ،
و كلما زادت عدد الخيول كلما زادت قوة الجيش الذي يملكها ،
كان الناس قديما ـ و ما زالوا ـ يعتنون بتلك الخيول و يولونها اهتماما كبيرا .
سورة اليوم هي سورة " العاديات " و ننتقل فيها الى مشاهد حركية رائعة ،
مشاهد تجسد لنا حركات و قوة الخيول في المعارك و الحروب .
أشرف الحروب على وجه الأرض تلك الحروب التى تكون في سبيل الله ،
و نسميها حروب للجهاد في سبيل الله ،
أي أن نحارب من يحارب دين الله ،
أعداء الدين يحاولون بكل قوتهم أن يقضوا على الاسلام ـ الدين الذي اختاره الله لنا ـ ،
و لذا قام نبينا محمد صلى الله عليه و سلم بتجهيز الجيوش لمواجهة أولئك الأعداء ،
و ضرب مع صحابته رضوان الله عليهم أروع الأمثلة للشجاعة و التضحية في سبيل نشر دين الله و الدفاع عنه ،
و في سورتنا اليوم " العاديات " يُقسم الله عز و جل بتلك الخيول و أوصافها في تلك الحروب ،
فبأي شئ يُقسم ربنا سبحانه ؟
يقسم الله سبحانه و تعالى بـ " العاديات " و هي الخيول التى تعدو و تهجم على الأعداء،
و نأتي لذلك الوصف الرائع البديع لحال تلك الخيول في المعركة يصفها الله سبحانه لنا ،
فها هي الخيول تعدو و تجري بسرعة و بقوة لتهجم على الأعداء ،
و من فرط سرعتها فأنت تسمع أصوات أنفاسها القوية المتلاحقة و تسمع صوت تحركها ،
في خلال تحركها و تقدمها تصطدم بحوافرها على الحجارة و الصخور ،
و من فرط و شدة و قوة ذلك الاصطدام تتولد شرارات النار المتطايرة ،
ـ أرأيت ذلك المشهد عندما تحتك الصخور ببعضها فينتج عن احتكاكها شرارة من النار ،
هكذا تفعل حوافر الخيول عندما تصطدم بالحجارة و الصخور ـ
و ها هي تلك الخيول القوية تهجم على الاعداء في الصباح الباكر ،
تتحرك بسرعة نحو جيوش العدو فتثير بتحركها الغبار و الاتربة حولها ،
فتتوسط براكبها وسط جيوش الأعداء لتثير فيهم الرعب .
هل تخيلتم تلك الصورة و المشاهد المليئة بالحركة ،
كل ذلك أقسم به الله سبحانه ،
و لكن على أي شئ يُقسم ربنا سبحانه ؟
يُقسم الله سبحانه على أن الانسان بطبيعته ـ إلا من رحم الله ـ يجحد وينكر نعم الله عليه ،
و ذلك الانسان الجاحد لنعم الله شهيد على نفسه فهو يعلم نعم الله عليه و لكنه ينكرها ،
ذلك الانسان يحب المال كثيرا فيعطيه ربه المال و لكنه ينكر نعمة الله فيبخل بتلك النعمة و لا يؤدي حقها .
هل نسي ذلك الانسان أنه سيأتي وقت يخرج الأموات فيها من قبورهم ليحاسبون على أفعالهم ،
و عند الحساب سيظهر لكل انسان ما كان يخفيه في صدره من شر و جحود و نكران لنعم الله عليه ،
الله سبحانه و تعالى يعلم بأعمال أولئك الجاحدين بنعمه عليهم و يوم القيامة سيحاسبهم على أعمالهم السيئة .
،،،
سورة العاديات
سورة مكية
عدد آياتها أحد عشر آية
سنراها مكتوبة وسط صفحات المصحف ، و من الأمور الطيبة أن تعرف موقع السورة من المصحف ،
هذا الأمر سيجعلك تحفظ مكانها و عند مراجعتها ستتذكر صورة الصفحة التى ستكون مطبوعة في ذهنك ،
وسييسر لك ذلك عملية الحفظ و أيضا ترتيبها بين السور وما يسبقها و ما يليها من السور
هنا سنجد سورة العاديات
و هنا لنحدد موقعها في المصحف
و الآن لنسمعها و نرددها خلف شيخنا و مع اخواننا هنا
لنأتي على بعض من معانيها :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)
يقسم الله عز و جل بـ :
العاديات : و هي الخيل التى تعدو في الغزو و الجهاد في سبيل الله
ضبحا: صوت أنفاس الخيل إذا جرت بسرعة
فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2)
الخيول تقدح بحوافرها إذا سارت على الحجارة حتى تخرج منها النار
فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3)
الخيل التى تغير ـ تهجم ـ على العدو وقت الصباح
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4)
أي أن الخيل تثير الغبار من سرعة حركتها
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5)
تدخل وسط جموع العدو
إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)
و هنا يأتي جواب القسم أي أن الله أقسم بكل ما سبق على أن :
الانسان بطبيعته ـ إلا من حفظه الله و رحمه ـ لكفور و لجاحد لنعم الله عليه
وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7)
أي أن الانسان لشاهد على ذلك الجحود
وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)
فالانسان بحب المال و يحرص على جمعه و يبخل به
أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)
أفلا يعلم هذا الجاحد إذا أخرج الأموات من قبورهم
وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10)
و ظهر ما كانت تخفيه الصدور من شرور و آثام
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)
الله سبحانه عالم بجميع ما كانوا يصنعون و سيجازيهم على سوء أفعالهم .