منتدى المؤمنين والمؤمنات
عن عبادة بن الصامت ، عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا فأتاهُ رجلٌ فَناداهُ : يا عبدَ اللَّهِ بنَ عبَّاسٍ ، ما تَرى في رجُلٍ قتلَ مُؤمنًا متعمِّدًا ؟ فقالَ : جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا قالَ : أفرأيتَ إِن تابَ وعملَ صالحًا ثمَّ اهتَدى ؟ قالَ ابنُ عبَّاسٍ : ثَكِلتهُ أمُّهُ ، وأنَّى لَهُ التَّوبةُ والهُدى ؟ والَّذي نَفسي بيدِهِ ! لقَد سَمِعْتُ نبيَّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : ثَكِلتهُ أمُّهُ ، قاتِلُ مؤمنٍ متعمِّدًا ، جاءَ يومَ القيامةِ آخذَهُ بيمينِهِ أو بشمالِهِ ، تشخَبُ أوداجُهُ في قِبَلِ عرشِ الرَّحمنِ ، يلزمُ قاتلَهُ بيدِهِ الأخرى ، يقولُ : يا ربِّ سَل هذا فيمَ قتلَني ؟ وأيمُ الَّذي نفسُ عبدِ اللَّهِ بيدِهِ ! لقد أُنْزِلَت هذِهِ الآيةُ ، فما نسخَتها مِن آيةٍ حتَّى قُبِضَ نبيُّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، وما نَزل بعدَها مِن بُرهانٍ
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/552
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
منتدى المؤمنين والمؤمنات
عن عبادة بن الصامت ، عن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه قال : من قتل مؤمنا فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا فأتاهُ رجلٌ فَناداهُ : يا عبدَ اللَّهِ بنَ عبَّاسٍ ، ما تَرى في رجُلٍ قتلَ مُؤمنًا متعمِّدًا ؟ فقالَ : جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا قالَ : أفرأيتَ إِن تابَ وعملَ صالحًا ثمَّ اهتَدى ؟ قالَ ابنُ عبَّاسٍ : ثَكِلتهُ أمُّهُ ، وأنَّى لَهُ التَّوبةُ والهُدى ؟ والَّذي نَفسي بيدِهِ ! لقَد سَمِعْتُ نبيَّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : ثَكِلتهُ أمُّهُ ، قاتِلُ مؤمنٍ متعمِّدًا ، جاءَ يومَ القيامةِ آخذَهُ بيمينِهِ أو بشمالِهِ ، تشخَبُ أوداجُهُ في قِبَلِ عرشِ الرَّحمنِ ، يلزمُ قاتلَهُ بيدِهِ الأخرى ، يقولُ : يا ربِّ سَل هذا فيمَ قتلَني ؟ وأيمُ الَّذي نفسُ عبدِ اللَّهِ بيدِهِ ! لقد أُنْزِلَت هذِهِ الآيةُ ، فما نسخَتها مِن آيةٍ حتَّى قُبِضَ نبيُّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، وما نَزل بعدَها مِن بُرهانٍ
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أحمد شاكر - المصدر: عمدة التفسير - الصفحة أو الرقم: 1/552
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
منتدى المؤمنين والمؤمنات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المؤمنين والمؤمنات

-- قال صلى الله عليه وسلم وايم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها و نهارها سواء “
 
الرئيسيةاليوميةالأحداثمكتبة المنتدىالمنشوراتس .و .جبحـثالتسجيلدخولاالمواضيع اليوميه النشيطه
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ
فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }. ...
فهذه رسالة مختصرة إلى أهل الثغور في الشام،
وكما لهم حق النصرة فلهم حق النصيحة، فأقول:١
1--
عليكم بالاجتماع، فإن لم تجتمعوا على كمالٍ في الحق فلا تتفرقوا
بسبب نقص بعضكم، لا تفرقكم بدعة ومعصية فإنكم تقابلون كفرًا،
فقد اجتمع المسلمون على قتال العبيديين وقائدهم خارجي،
وقاتل ابن تيمية التتار ومعه أهل بدع.




٢---
بالفرقة تُهزم الكثرة، وبالاجتماع تنصر القلة، ولن تنتصروا حتى تقتلوا هوى النفس قبل قتل العدو، فالهوى يقلب موازين العداوات فتنتصر النفوس لهواها وتظن أنها تنتصر لربها،
وقليل الذنوب يُفرق القلوب، قال النبي ﷺ: (لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم) لم يمتثلوا باستواء صفوف الصلاة فتسبب بانـحراف القلوب،
فكيف بانـحراف صفوف الجهاد ولقاء العدو، فإن اختلفت القلوب فالتمسوا سبب ذلك في سوء الأعمال .


3---- إنكم في مقام اصطفاء ومقام ابتلاء، فمن أعلى مراتب الجنة جُعلت لمقاتلٍ قاتل لله، وأول مَن تُسَّعَر بهم النار مقاتل قاتل لهواه . ٤)---- إياكم وحب الاستئثار بالأمر وقد حذّر النبي ﷺ من (الأثَرَة) فاجعلوا همّكم نصرة الدين لا صدارة حزب وجماعة .

٥) ----
لا تخدعكم الألقاب فتوالوا لها وتعادوا عليها، فالله لا ينظر إلى ألويتكم وراياتكم وأسماء جماعاتكم، بل ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم،
لا تختصموا على اسمٍ فمهما بلغت أسماؤكم شرفاً فلن تكون أعظم شرفاً من كلمة (رسول الله) حيث محاها رسول الله بيده من صلح الحديبية
عندما نازعه المشركون عليها وذلك حتى يُمضي الحق وصالح الأمة .

٦)
----



العبرة بأعمالكم، فما ينفع (حزب الله) اسمه عند الله

٧)
 
لا يجوز لأحدٍ أن يجعل جماعته وحزبه قطبَ رحى الولاء والعداء، فلا يرى البيعة إلا له ولا يرى الإمارة إلا فيه،
ومن رأى في نفسه ذلك من دون بقية المسلمين فهو من الذين قال الله فيهم (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء)
قال ابن عباس لما قرأ هذه الآية: أمر الله المؤمنين بالجماعة، ونهاهم عن الاختلاف والفرقة، وأخبرهم
إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله
وبالاختلاف والتنازع يذهب النصر (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) قال قتادة: لا تختلفوا فتجبنوا ويذهب نصركم .
٨) ---
لا يصح فيكم اليوم وأنتم في قتال وجماعات أن ينفرد أحدٌ ببيعة عامة يستأثر بها ولوازمها عن غيره وإنما هي بيعة جهاد
وقتال وثبات وصبر وإصلاح ونـحو ذلك، ولا يصح من أحدٍ أن ينفرد بجماعة منكم فيُسمى (أمير المؤمنين) وإنما أمير الجيش
أو الجند أو الغزو، فالولايات العامة مردّها إلى شورى المؤمنين لا إلى آحادٍ منهم، والألقاب استئثار تفضي إلى نزاع وقتال
وفتنة وشر، وإنما صحت الولاية الكبرى من النبي ﷺ لأنه ليس في الأرض مسلم سواه ومن معه، وليس في
الأرض خير من نبي ولا أحق بالأمر منه، فلو استأثر فهو نبي لا يرجع لأحدٍ ويرجع إليه كل أحد .

9---- لا يضرب بعضكم رقاب بعضٍ، فاتقوا الله في دمائكم، واحذروا مداخل الشيطان في تسويغ القتل وتبريره فتأخذوا أحداً بظن العمالة أو التجسس
أو التخذيل فالله حذر من الظنون التي تفسد أمر الأمة وتفرق شملها (اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم)
ولا تجوز طاعة أميرٍ في قتل مسلم معصوم ومن أُمر بحرام كقتل معصومٍ فلا تجوز طاعته ولا بيعته حتى بيعة قتال،
 ولو بايعه فبيعته منقوضة، ولا يجوز لأحدٍ أن يمتثل أمرًا ظاهره التحريم  حتى يتيقن من جوازه بعلمٍ وإن جهل سأل من يعلم،
حتى لا يلقى الله بدم أو مال حرام، فيُفسد آخرته بجهل أو تأويل غيره، فالله يؤاخذ كل نفس بما كسبت (كل نفس بما كسبت رهينةٍ)
ولا أعظم بعد الشرك من الدم الحرام .

تابع 9 ----

فقد صح من حديث ابن عمر، أن النبي ﷺ أمّر خالد بن الوليد إلى جذيمة فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون:

صبأنا، صبأنا، فأمر خالد بقتل أسراهم، فقال ابن عمر: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره،

قال: فقدموا على النبي ﷺ فذكروا له صنيع خالد، فقال النبي ﷺ ورفع يديه: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد) مرتين .

فقد عصوا خالدًا لما اشتبه عليهم الأمر، وهذا في دماءِ من الأصل فيه الكفر فكيف بدم من الأصل فيه الإسلام ؟!

10 ----

عند النزاع انزلوا إلى حكم الله كما أمر الله (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله)
وقال: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)
فالنزول عند حكم الله إيمان والنفرة منه نفاق، وإن اختلف اثنان أو جماعتان فليتحاكموا
إلى ثالث من غيرهم، دفعاً لتهمة المحاباة، فقد ورد في الحديث عنه ﷺ قال: (لا تجوز شهادة خصم ولا ظنّين)
وفي الحديث الآخر: (لا تجوز شهادة ذي غمر (عداوة) لأخيه، ولا مجرب شهادة،
ولا القانع (أي التابع) لأهل البيت، ولا ظنين في ولاء ولا قرابة)
وقد جاء معناه من طرق متعددة يشد بعضه بعضاً، وهذا في الشهادة وفي القضاء من باب أولى

١١)

احفظوا ألسنتكم فإن الوقيعة في أعراض بعضكم تزيد من أحقادكم على بعضكم، فما يزال الواحد واقعاً
في عرض أخيه حتى يمتلىء قلبه حقدًا وغلاً عليه فيُصدّق فيه ظن السوء ويُكذّب فيه يقين الخير .



١٢)
أحسنوا الظن بالعلماء ورثة الأنبياء واحفظوا قدرهم بالرجوع إليهم والصدور عن قولهم،
وأحسنوا الظن بهم واحملوا أقوالهم على أحسن المحامل، فمدادهم في نصرة الحق أثرها عظيم
وقد جاء عن جماعة من السلف (مداد العلماء أثقل في الميزان من دماء الشهداء)

13)

لا تُرحم الأمة إلا إذا تراحمت فيما بينها، ومحبة الله للمجاهدين ونصرته لهم معقودة
برحمتهم بالمؤمنين وتواضعهم لهم، وعزتهم على الكافرين، فإن من صفات المجاهدين
ما ذكره الله في قوله تعالى
: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم).



ومن الله استمدوا النصر والعون هو المولى فنعم المولى ونعم النصير .



الشيخ عبدالعزيز الطريفي ١٧/ من ذي القعدة / ١٤٣٤ هـ
.

 

 م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
راجية الشهادة
المعبرة راجية الشهاده
المعبرة راجية الشهاده
راجية الشهادة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime25/8/2012, 12:45 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
المستوى الثاني.الدرس الأول:

السبت 7-10-1433هجري.

الآيات(1-10)سورة يونس.


أعوذُ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه

بسم الله الرحمن الرحيم:


{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1)أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2)إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3)إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4)هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5)إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)}

************************
التفسير:

{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1)}
أَلِفْ لامْ رَا وَتُقْرَأُ مُقَطَّعَةً. اللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ، هذِهِ هِيَ آيَاتُ القُرْآنِ المُحْكَمِ الذِي أَحْكَمَهُ اللهُ فِي أُسْلُوبِهِ وَمَعَانِيهِ، وَبَيَّنَهُ لِعِبَادِهِ.

{أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2)}

يَسْتَنْكِرُ اللهُ تَعَالَى تَعَجُّبَ الكُفَّارِ مِنْ إِرْسَالِ المُرْسَلِينَ مِنَ البَشَرِ، فَيَقُولُ: عَجِيبٌ أَمْرُ هَؤُلاءِ الكُفَّارِ أَنْ يُنْكِرُوا إِنْزَالَ الوَحْيِ عَلَى رَجُلٍ مِنْ جِنْسِهِمْ، وَأَنْ يَعُدُّوا ذَلِكَ أَمْراً عَجِيباً يَتَفَكَّهُونَ بِهِ.
(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا بَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم رَسُولاً أَنْكَرَتِ العَرَبُ ذَلِكَ، أَوْ مَنْ أَنْكَرَهُ مِنْهُمْ، فَقَالُوا: اللهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُ بَشَراً مِثْلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى قَوْلَهُ: أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً....).
وَمَهَمَّةِ الرَّسُولِ هِيَ أَنْ يُنْذِرَ الكَافِرِينَ بِعَذَابِ جَهَنَّمَ، إِذَا اسْتَمَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ، وَأَنْ يُبَشِّرَ المُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمْ سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ بِمَا قَدَّمُوهُ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ: مِنْ صَوْمٍ وَصَلاةٍ وَتَسْبِيحِ وَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ، وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ، وَجِهَادٍ لِلْكَافِرِينَ...
أَمَّا الكَافِرُونَ فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ هَذَا الرَّسُولَ لَسَاحِرٌ ظَاهِرُ الِّسْحِر (مُبِينٌ)، يُؤَثِّرُ فِي النُّفُوسِ، وَيَجْذِبُها إِلى الإِيمَانِ بِاللهِ، وَاحْتِقَارِ الحَيَاةِ وَلَذَّاتِهَا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَهُمُ الكَاذِبُونَ فِي ذَلِكَ.
مُبِينٌ- ظَاهِرٌ وَاضِحٌ.
قَدَمَ صِدْقٍ- سَابِقَةَ فَضْلٍ وَمَنْزِلَةً رَفِيعَةً.

{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3)}

يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ جَمِيعاً، وَأَنَّهُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمَا فِيهِما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَلَمَّا أَتَمَّ خَلْقَ الوُجُودِ اسْتَوَى عَلى العَرْشِ اسْتِوَاءً يَلِيقُ بِعَظَمَتِهِ وَجَلالِهِ، يُدَّبِرُ أَمْرَ الكَوْنِ وَالخَلائِقِ وَلا يُشْغِلُهُ شَأْنٌ مِنْ شَأْنٍ، وَلا يَتَبَرَّمُ بِإِلْحَاحِ المُلِحِّينَ، وَلا يُلْهِيهِ الكَبِيرُ عَنِ الصَّغِيرِ، وَلا يَشْفَعُ أَحَدٌ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ سُبْحَانَهُ، وَهُوَ رَبُّكُمْ فَأَفْرِدُوهُ بِالعِبَادَةِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَلا يُسْتَنْكَرُ مِنْ رَبِّ هَذا الخَلْقِ، وَمُدَبِّرِهِ أَنْ يُفِيضَ مَا شَاءَ مِنْ عِلْمِهِ عَلَى مَنِ اصْطَفَى مِنْ خَلْقِهِ، يَهْدِيهِمْ بِهِ لِمَا فِيهِ صَلاحُهُمْ وَكَمَالُهُمْ، أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ يَا أَيُّها المُشْرِكُونَ فِي أَمْرِكُمْ؟ فَكَيْفَ تَعْبُدُونَ مَعَ اللهِ آلِهَةً غَيْرَهُ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ المُتَفَرِّدُ بِالخَلْقِ؟
اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ- اسْتِوَاءً يَلِيقُ بِجَلالِهِ.

{إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4)}

يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ الخَلاقُ العَظِيمُ، وَأَنَّ الخَلائِقَ تَرْجِعُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لا يَتْرُكُ مِنْهُمْ أَحَداً حَتَّى يُعِيدَهُ كَمَا كَانَ بَدَأَهُ، وَهَذَا وَعْدٌ مِنْهُ حَقٌّ لا مِرْيَةَ فِيهِ، وَلا شَكَّ. ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُ كَمَا بَدَأَ الْخَلْقَ أَوَّلَ مَرَّةٍ يُعِيدُهُ. وَفِي يَوْمِ القِيَامَةِ يَجْزِي الَّذِينَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، مِنَ المُؤْمِنِينَ، بِالعَدْلِ (بِالقِسْطِ) وَيُوَفِّيهِمْ جَزَاءَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ، كَمَا يَجْزِي الذِينَ كَفَرُوا عَلَى كُفْرِهِمْ بِعَدْلِهِ التَّامِّ، وَسَيَكُونُ شَرَابُهُمْ مِنْ مَاءٍ شَدِيدِ الحَرَارَةِ، وَسَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً.
حَمِيمٍ- مَاءٍ بَالِغِ الغَايَةِ فِي شِدَّةِ الحَرَارَةِ.

{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5)}

يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عُمَّا خَلَقَ مِنَ الآيَاتِ الدَّالَةِ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَأَنَّهُ جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً، وَجَعَلَ القَمَرَ نُوراً، وَهَكَذا فَاوَتَ تَعَالَى بَيْنَ ضِيَاءِ الشَّمْسِ، وَبَيْنَ نُورِ القَمَرِ، وَقَدَّرَ لِلقَمَرِ مَنَازِلَ (وَهِيَ 28 مَنْزِلاً)، لِيَعْرِفَ النَّاسُ عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَابَ، وَلَمْ يَخْلُقِ اللهُ ذَلِكَ الخَلْقَ عَبَثاً وَبَاطِلاً وَتَسْلِيَةً، وَإِنَّمَا خَلَقَهُ بِالْحَقِّ، وَهُوَ تَعَالَى يُفَصِّلُ الآيَاتِ الدَّالَةِ عَلَى أُلُوهِيَّتِهِ، وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ لِكَيْ يَتَدَبَّرَهَا الخَلْقُ.
(وَقِيلَ إِنَّ الضَّوْءَ مَا كَانَ مِنْ ذَاتِ الشَّيءِ كَالشَّمْسِ وَالنَّارِ، وَالنُّورِ مَا كَانَ مُكْتَسَباً مِنْ خَارِجِ الشَّيءِ كَالقَمَرِ يَسْتَمِدُّ نُورَهُ مِنْ ضُوءِ الشَّمْسِ).
قَدَّرَهُ مَنَازِلَ- صَيَّرَ القَمَرَ ذَا مَنَازِلَ يَسِيرُ فِيهَا.

{إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)}
إِنَّ فِي تَعَاقُبِ الليْلِ وَالنَّهَارِ، إِذَا ذَهَبَ هَذا جَاءَ ذَاكَ، لا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ، وَفِي تَقَارُضِهِمَا الطُّولَ وَالقِصَرَ، يَطُولُ هذا وَيَقْصُرُ ذَاكَ، وَفِيمَا خَلَقَ اللهُ فِي هَذا الكَوْنِ العَظِيمِ الوَاسِعِ... لَدَلائلِ عَظِيمَةً عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَحِكْمَتِهِ لِمَنْ يَخْشَوْنَ اللهَ، وَيَخَافُونَ سُخْطَهُ وَعِقَابَهُ (يَتَّقُونَ).

{إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)}

إِنَّ الذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالبَعْثِ وَلِقَاءِ اللهِ فِي الآخِرَةِ، وَاعْتَقَدُوا وَاهِمِينَ أَنَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا هِيَ مُنْتَهَاهُمْ، وَلَيْسَ بَعْدَهَا حَيَاةٌ، فَاطْمَأَنُّوا بِهَا، وَلَم يَعْمَلُوا لِمَا بَعْدَهَا، وَغَفَلُوا عَنْ آيَاتِ اللهِ الدَّالَةِ عَلَى البَعْثِ وَالحِسَابِ...

{أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8)}

فَهَؤُلاءِ سَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ جَهَنَّمَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لِيَصْلِيَهُمْ بِنِيرَانِهَا، وَسَيَجْعَلُهَا مَأْوًى لَهُمْ وَمَنْزِلاً، جَزَاءً لَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ، وَعَلَى مَا اكْتَسَبُوا فِي دُنْيَاهُمْ مِنَ المَعَاصِي وَالآثَامِ وَالخَطَايَا وَالإِجْرَامِ.

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)}

أَمَّا الذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَاتَّقَوْهُ، وَتَبَصَّرُوا بِمَا خَلَقَ اللهُ فِي الكَوْنِ، فَزَادَهُمْ ذَلِكَ إِيمَاناً وَيَقِيناً، وَعَمِلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَبُّهُمْ مِنْ صَالِحَاتِ الأَعْمَالِ، فَإِنَّ إِيمَانَهُمْ وَأَعْمَالَهُمُ الصَّالِحَاتِ سَتَكُونُ لَهُمْ نُوراً يَهْدِيهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى طَرِيقِ الجَنَّةِ التِي وَعَدَهُمْ بِهَا رَبُّهُمْ، وَهِيَ جَنَّةُ رِفهٍ وَنَعِيمٍ تَجْرِي الأَنْهَارُ فِي جَنَبَاتِهَا.

{دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)}

يَبْدَؤُونَ كُلَّ دُعَاءٍ وَثَنَاءٍ عَلَى اللهِ بِكَلِمَةِ (سُبْحَانَكَ الَّلهُمَّ) أَيْ تَقْدِيساً وَتَنْزِيهاً لَكَ يَا رَبِّ. وَيُجِيبُهُمْ رَبُّهُمْ بِكَلِمَةِ (سَلامٌ) وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى السَّلامَةِ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَتُحَيِّيهِمُ المَلائِكَةُ بِقَوْلِهِمْ (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)، وَيُحَيِّي بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِكَلِمَةِ سَلامٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى: {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلا سَلاماً} وَفِي آخِرِ كُلِّ حَالٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ، مِنْ دُعَاءٍ يُنَاجُونَ بِهِ رَبَّهُمْ، أَوْ مَطْلَبٍ يَطْلُبُونَهُ مِنْ إِحْسَانِهِ وَكَرَمِهِ يَقُولُونَ: (الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ) وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ: «إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ إِذَا قَالُوا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ أَتَاهُمْ مَا يَشْتَهُونَ».
دَعْوَاهُمْ- دُعَاؤُهُمْ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راجية الشهادة
المعبرة راجية الشهاده
المعبرة راجية الشهاده
راجية الشهادة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime25/8/2012, 12:46 pm

تم حفظ الآيات وقراءة التفسير ولله الحمد والمنة والفضل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم عمارة
الاعضاء المؤسسين
الاعضاء المؤسسين
أم عمارة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime25/8/2012, 10:42 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم الحفظ وقراءة التفسير
والحمد لله
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راجية الشهادة
المعبرة راجية الشهاده
المعبرة راجية الشهاده
راجية الشهادة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime26/8/2012, 1:40 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
المستوى الثاني:الدرس الثاني:

الأحد 8-10-1433هجري.

الآيات(11-20)سورة يونس.


أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيم:

{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13)ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16)فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17)وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20)}

*************************
التفسير:

{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)}

يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ حِلْمِهِ وَلُطْفِهِ بِعِبَادِهِ، وَيَقُولُ إِنَّهُ لا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ إِذَا دَعُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَوْلادِهِمْ بِالشَّرِّ فِي حَال ضَجَرِهِمْ وَغَضَبِهِمْ، لأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لا يُرِيدُونَ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ لا يَسْتَجِيبُ لَهُمْ لُطْفاً مِنْهُ، وَرَحْمَةً بِهِمْ.
أَمَّا إِذَا دَعَوا لأَنْفُسِهِمْ وَأَوْلادِهِمْ بِالخَيْرِ وَالبَرَكَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَجِيبُ لَهُمْ. وَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَوِ اسْتَجَابَ لَهُمْ فِي كُلِّ دَعْوَةٍ تَجْرِي عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ لأَهْلَكَهُمْ. وَيَتْرُكُ اللهُ تَعَالَى الذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، وَلا يَرْجُونَ لِقَاءَهُ فِي الآخِرَةِ، سَادِرِينَ فِي غَيِّهِمْ، مُسْتَمِرِّينَ فِي طُغْيَانِهِمْ، مُتَحَيِّرِينَ لا يَهْتَدُونَ إِلَى الخُرُوجِ مِمَّا هُمْ فِيهِ، حَتَّى يَجِيءَ اليَوْمُ الذِي وَعَدَهُمُ اللهُ بِهِ.
(وَقَدْ يَكُونُ المَعْنَى: لَوْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُعَجِّلُ لِلنَّاسِ إِجَابَةَ دُعَائِهِمْ وَاسْتِعْجَالِهِمْ فِي الشَّرِّ فِيمَا فِيهِ مَضَرَّتُهُمْ، فِي النَّفْسِ وَالمَالِ وَالوَلَدِ- كَمَا اسْتَعْجَلَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ رَسُولَ اللهِ بِالعَذَابِ الذِي أَنْذَرَهُمْ بِهِ- كَاسْتِعْجَالِهِمْ بِالخَيْرِ الذِي يَطْلُبُونَهُ بِدُعَائِهِمْ اللهَ، لَقَضَى إِلَيْهِمْ أَجَلَهُمْ قَبْلَ وَقْتِهِ الطَّبِيعِيِّ المُحَدَّدِ لَهُمْ، كَمَا أَهْلَكَ الذِينَ كَذَّبُوا الرُّسُلَ، وَاسْتَعْجَلُوا بِالعَذَابِ مِنْ قَبْلِهِمْ).
فِي طُغْيَانِهِمْ- فِي تَجَاوُزِهِم الحَدَّ فِي الكُفْرِ.
يَعْمَهُونَ- يَعْمُونَ عَنِ الرُّشْدِ، أَوْ يَتَحَيَّرُونَ فِي الضَّلالَةِ.
لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ- لأَهْلَكَهُمْ وَأَبَادَهُمْ.

{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)}

إِنَّ الإِنْسَانَ كَثِيرُ التَّضَجُّرِ وَالقَلَقِ إِذَا مَسَّهُ الضُّرُّ وَالشَّرُّ، فَإِذا مَسَّهُ السُّوءُ أَكْثَرَ مِنَ التَّضَرُّعِ إِلَى اللهِ، وَالدُّعَاءِ لَهُ، رَاجِياً كَشْفَ مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ، وَهُوَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ، وَهُوَ قَاعِدٌ، وَهُوَ قَائِمٌ، وَفِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ. فَإِذَا فَرَّجَ اللهُ كَرْبَهُ وَشِدَّتَهُ أَعْرَضَ وَنَأَى، وَذَهَبَ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضُرٌّ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَدْعُ اللهَ رَبَّهُ.
وَيَذُمُّ اللهُ تَعَالَى مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتُهُمْ مِنَ النَّاسِ، وَأَسْمَاهُمْ بِالمُسْرِفِينَ. وَقَدْ حَسَّنَ مَسْلَكُ هَؤُلاءِ الدَّاعِينَ للهِ فِي الشِّدَّةِ، وَالنَّاسِينَ لَهُ فِي الرَّخَاءِ، لِمُشْرِكِي مَكَّةَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَهُ مِنْ أَعْمَالِ السُّوءِ وَالشِّرْكِ، حَتَّى إِنَّهُمْ اسْتَعْجَلُوا بِالعَذَابِ الذِي أَنْذَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وَمِنْ صِفَاتِ المُؤْمِنِ الصَّبْرُ عَلَى الشَّدَائِدِ، وَالشُّكْرُ عَلَى اليُسْرِ، وَفِي كِلا الحَالَيْنِ خَيْرٌ لَهُ.
الضُّرُّ- الجُهْدُ وَالبَلاءُ وَالشِّدَّةُ.
دَعَانَا لِجَنْبِهِ- اسْتَغَاثَ بِنَا لِنَكْشِفَ مَا نَزَلَ بِهِ وَهُوَ مُلْقىً إِلَى جَنْبِهِ.
مَرَّ- اسْتَمَرَّ عَلَى كُفْرِهِ وَلَمْ يَتَّعِظْ.

{وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13)}

يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَهْلَ مَكَّةَ بِمَا أَنْزَلَهُ مِنَ العَذَابِ فِي الأَقْوَامِ السَّابِقَةِ (القُرُونِ) الذِينَ كَذَّبُوا رُسُلَهُ فِيمَا جَاؤُوهُمْ بِهِ مِنَ البَيِّنَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِمْ، وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، وَكَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، فَأَهْلَكَهُمُ اللهُ لأَنَّهُمْ مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا لَوْ تَرَكَهُمُ اللهُ، فَاعْتَبِرُوا يَا كُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَكَمَا أَهْلَكَ اللهُ مَنْ قَبْلَكُمْ، كَذَلِكَ يَفْعَلُ اللهُ بِالمُجْرِمِينَ مِنْكُمْ.
القَرْنُ- القَوْمُ المُقْتَرِنُونَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ.
ظَلَمُوا- بِالكُفْرِ وَتَكْذِيبِ الرُّسُلِ.

{ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14)}

ثُمَّ اسْتَخْلَفَكُمْ اللهُ تَعَالَى فِي الأَرْضِ، بَعْدَ أَنْ أَهْلَكَ السَّابِقِينَ، وَذَلِكَ بِمَا آتَاكُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنْ أَسْبَابِ السَّعَادَةِ، فِي الدِّينِ وَالدُّنْيا، لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَكُونُ أَعْمَالُكُمْ فِي خِلافَتِكُمْ، وَيَظْهَرُ مَا تَخْتَارُونَهُ لأَنْفُسِكُمْ مِنْ طَاعَةٍ أَوْ عِصْيَانٍ بَعْدَ أَنْ عَرَفْتُمْ مَا حَلَّ بِمَنْ سَبَقَكُمْ.
وَقَالَ قُتَادَةُ: صَدَقَ اللهُ رَبُّنا، مَا جَعَلَنَا خُلَفَاءَ إِلا لِيَنْظُرَ إِلَى أَعْمَالِنَا، فَأَرُوا اللهَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ خَيْراً بِالليْلِ أَو النَّهَارِ. وَفِي ذَلِكَ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الخِلافَةَ مَنُوطَةٌ بِالأَعْمَالِ لِكَيْلا يَغْتَرَّ النَّاسُ بِمَا سَيَنَالُونَهُ، وَيَظُنُّوا أَنَّهُ بَاقٍ لَهُمْ، وَأَنَّهُمْ سَيَكُونُونَ بِمَنْجَاةٍ مِنْ مُقْتَضَى سُنَّةِ اللهِ فِي الظَّالِمِينَ.

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)}

كَانَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ إِذَا قَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم القُرْآنَ عَلَيْهِمْ قَالُوا لَهُ: ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ، وَضَعْ قُرْآناً غَيْرَهُ لَيْسَ فِيهِ مَا لا نُؤْمِنُ بِهِ مِنَ البَعْثِ، وَالجَزَاءِ عَلَى الأَعْمَالِ، وَلا مَا نَكْرَهُهُ مِنْ ذَمٍّ لآلِهَتِنَا. وَرَدَّ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ آمِراً نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ: إِنَّنِي عَبْدٌ مَأْمُورٌ، وَرَسُولٌ أُبَلِّغُ مَا يَأْمُرُنِي بِهِ رَبِّي، وَأتَّبِعُ أَوَامِرَهُ، وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِي، وَلا مِمَّا تُجِيزُهُ لِي رِسَالَتِي، أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، وَإِنِّي أَخَافُ، إِنْ أَنَا عَصَيْتُ أَمْرَهُ، عَذَابَ يَوْمٍ شَدِيدِ الخَطَرِ وَالهَوْلِ.

{قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16)}

وَقُلْ لَهُمْ: إِنَّنِي إِنَّمَا جِئْتُكُمْ بِهَذا القُرْآنِ بِإِذِنِ اللهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَلَوُ شَاءَ اللهُ أَنْ لا أَتْلُوَهُ عَلَيْكُمْ مَا تَلَوْتُهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ لا يُعْلِمَكُمْ بِهِ بِإِرْسَالِي إِلَيْكُمْ، لَمَا أَرْسَلَنِي، وَلَمَا أَدْرَاكُمْ بِهِ، وَلكِنَّهُ شَاءَ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْكُمْ بِهَذَا العِلْمِ لِتَهْتَدُوا، وَتَكُونُوا خَلائِفَ فِي الأَرْضِ. فَقَدْ عِشْتُ فِيكُمْ وَبَيْنَكُمْ سِنِينَ طَوِيلَةً مِنْ عُمْرِي لَمْ أُبَلِّغْكُمْ خِلالَهَا شَيئاً، لأنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَوْحَى إلَيَّ بِرِسَالَتِهِ، فَلَمَّا أَوْحَى إِلَيَّ، وَأَمَرَنِي بِأَنْ أُبَلِّغَكُمْ أَوَامِرَهُ فَعَلْتُ، أَلَيْسَ لَكُمْ عُقُولٌ تُمَيِّزُونَ بِهَا بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ؟
(وَلَمَّا سَأَلَ هِرَقْلُ مَلِكُ الرُّومِ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ عَنْ صِفَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لا. فَقَالَ هِرَقْلُ: أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ يَذْهَبَ لِيَكْذِبَ عَلَى اللهِ).
لا أَدْرَاكُمْ بِهِ- لا أَعْلَمَكُمْ بِهِ بِوَاسِطَتِي.

{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17)}

لا أَحَدَ أَكْثَرُ ظُلْماً، وَلا أَشَدُّ إِجْرَاماً مِنْ رَجُلٍ تَقَوَّلَ عَلَى اللهِ، وَكَذَبَ عَلَيْهِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ مِنَ اللهِ، وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَلا أَظْلَمَ مِنْ رَجُلٍ كَفَرَ بِاللهِ، وَكَذَّبَ بِمَا يَرَاهُ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ، وَبِمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رُسُلِهِ، وَلا يُفْلِحُ المُجْرِمُونَ الذِينَ يَلْقَوْنَ رَبَّهُمْ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا مِنَ الدُّنْيَا كَافِرِينَ.
لا يُفْلِحُ المُجْرِمُونَ- لا يَفُوزُونَ بِمَطْلُوبٍ.

{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)}

وَهَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ الذِينَ يَعْبُدُونَ آلِهَةً غَيْرَ اللهِ هِيَ فِي الحَقِيقَةِ أَصْنَامٌ مِنْ حِجَارَةٍ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ وَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يَعْبُدُونَهَا لِتَكُونَ شُفَعَاءَ لَهُمْ عِنْدَ اللهِ، اسْأَلْهُمْ يَا مُحَمَّدُ: هَلْ تُخْبِرُونَ اللهَ بِشَرِيكٍ لَهُ لا يَعْلَمُ اللهُ لَهُ وُجُوداً فِي السَّمَاوَاتِ مِنْ مَلائِكَةٍ، وَفِي الأَرْضِ مِنْ خَوَاصِّ خَلْقِه؟ وَلَوْ كَانَ لَهُ شُفَعَاءَ يَشْفَعُونَ لَكُمْ عِنْدَهُ لَكَانَ هُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْكُمْ، إِذْ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ.
ثُمَّ نَزَّهَ اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ الكَرِيمَةَ عَنْ شِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ.
سُبْحَانَهُ- تَنَزَّهَ وَتَقَدَّسَ اسْمُهُ تَعَالَى.

{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19)}

يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ الشِّرْكَ حَادِثٌ فِي النَّاسِ، كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَأَنَّ النَّاسَ كَانُوا جَمِيعاً أُمَّةً وَاحِدَةً عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلامِ، ثُمَّ وَقَعَ الاخْتِلافُ بَيْنَ النَّاسِ، وَعُبِدَتِ الأَصْنَامُ وَالأَوْثَانُ وَالأَنْدَادُ، فَبَعَثَ اللهُ الرُّسُلَ بِآيَاتِهِ وَبِيِّنَاتِهِ وَحُجَجِهِ البَالِغَةِ، وَبَرَاهِينِهِ الدَّامِغَةِ، لِهِدَايَتِهِمْ وَإِزَالَةِ الاخْتِلافِ بَيْنَهُمْ، وَأَيَّدَ الرُّسُلَ بِكُتُبِهِ وَوَحْيهِ، وَلَوْلا مَا تَقَدَّمَ مِنَ اللهِ تَعَالَى أَنَّهُ لا يُعَذِّبُ أَحَداً إِلا بَعْدَ قِيَامِ الحُجَّةِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ أَجَّلَ الخَلْقَ إِلَى أَجَلٍ مَوْعُودٍ، هُوَ يَوْمُ القِيَامَةِ، لَقَضَى بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَأَسْعَدَ المُؤْمِنِينَ، وَأَعْنَتَ الكَافِرِينَ.

{وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20)}

وَيَقُولُ الكُافِرُونَ: لَوْلا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ آيَةٌ وَمُعْجِزَةٌ مِنْ رَبِّهِ، كَمَا أُعْطِيَ المُرْسَلُونَ مِنْ قَبْلِهِ، كَأَنْ يُحَوِّلَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَباً، أَوْ يُزِيحَ عَنْهُمْ جِبَالَ مَكَّةَ، وَيَجْعَلَ مَكَانَهَا بَسَاتِينَ وَأَنْهَاراً، أَوْغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ اللهُ. فَقُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ الغَيْبَ وَالعَوَاقِبَ فِي الأُمُورِ، فَإِنْ كُنْتُمْ لا تُؤْمِنُونَ حَتَّى تَرَوا مَا سَأَلْتُمْ، فَانْتَظِرُوا حُكْمَ اللهِ فِيَّ وَفِيكُمْ. وَلَوْ عَلِمَ اللهُ أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ اسْتِرْشَاداً وَتَثْبِيتاً لأَجَابَهُمْ إِلَى مَا سَأَلُوا، وَلَكِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يَسْأَلُونَ عِنَاداُ، فَلَوْ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مَا طَلَبُوهُ، ثُمَّ اسْتَمَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ لأَهْلَكَهُمْ، كَمَا أَهْلَكَ مَنْ كَذَّبَ قَبْلَهُمْ، وَهُوَ تَعَالَى لا يُرِيدُ إِهْلاكَهُمْ لأَمْرٍ اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ.
********************************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راجية الشهادة
المعبرة راجية الشهاده
المعبرة راجية الشهاده
راجية الشهادة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime26/8/2012, 1:41 pm

تم حفظ الآيات وقراءة التفسير ولله الحمد والمنة والفضل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم عمارة
الاعضاء المؤسسين
الاعضاء المؤسسين
أم عمارة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime27/8/2012, 5:57 am

تم الحفظ وقراءة التفسير ولله الحمد والمنة والثناء الحسن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راجية الشهادة
المعبرة راجية الشهاده
المعبرة راجية الشهاده
راجية الشهادة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime27/8/2012, 2:59 pm

المستوى الثاني:الدرس الثالث:

الإثنين 9-10-1433هجري.

الآيات(21-30)سورة يونس.


أعوذُ باللهِ السميع العليم من الشيطانِ الرجيم:

(({وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21)هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22)فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23)إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28)فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29)هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30)}

**********************
التفسير:

{وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21)}

وَإِذَا أَنْعَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى المُشْرِكِينَ بِالفَرَجِ بَعْدَ الكَرْبِ، وَبِالرَّخَاءِ بَعْدَ شِدَّةٍ أَصَابَتْهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ..، لَمْ يَشْكُرُوا اللهَ عَلَى أَنَّهُ صَرَفَ عَنْهُمْ الضُّرَّ وَالبَلاءَ، وَبَادَرُوا إِلَى المَكْرِ السَّيِّىءِ، وَقَابَلُوا فَضْلَ اللهِ بِالإِمْعَانِ فِي الكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ بِآيَاتِ اللهِ، فَإِذَا كَانَتِ الرَّحْمَةُ مَطَراً أَحْيَا الأَرْضَ، وَأَنْبَتَ الزَّرْعَ بَعْدَ جَدْبٍ وَقَحْطٍ، نَسَبُوا ذَلِكَ إِلَى الكَوَاكِبِ وَالأَنْوَاءِ وَالأَصْنَامِ، وَإِذَا كَانَتْ نَجَاةً مِنْ هَلَكَةٍ، وَأَعْوَزَهُمْ مَعْرِفَةُ عِلَلِهَا وَأَسْبَابِهَا، عَزَوْا ذَلِكَ إِلَى المُصَادَفَةِ، وَإِذَا كَانَ سَبَبُهَا دُعَاءَ نَبِيٍّ أَنْكَرُوا إِكْرَامَ اللهِ لِنَبِيِّهِ.
فَقُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ: إِنَّ اللهَ أَسْرَعَ مِنْكُمْ مَكْراً، وَأَشَدَّ اسْتِدْرَاكاً، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِهْلاكِكُمْ، وَعَلَى تَعْجِيلِ العُقُوبَةِ لَكُمْ، وَلَكِنَّ كَلِمَتَهُ تَعَالَى سَبَقَتْ بِتَأْجِيلِ حِسَابِ النَّاسِ حَتَّى يَوْمَ الحَشْرِ، الذِي لا يَعْلَمُ أَحَدٌ غَيْرُ اللهِ مَوْعِدَهُ.
وَمَلائِكَةُ الرَّحْمَنِ المُوكَّلُونَ بِإحْصَاءِ أَعْمَالِ العِبَادِ وَتَسْجِيلِهَا عَلَيْهِمْ، يُسَجِّلُونَ مَا تَمْكُرُونَ، وَسَيُحَاسِبُكُمُ اللهُ عَلَى أَعْمَالِكُمْ جَمِيعَها.
ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ- نَائِبَةٍ أَصَابَتْهُمْ كَالجُوعِ وَالقَحْطِ.
لَهُمْ مَكْرٌ- دَفْعٌ وَطَعْنٌ وَاسْتِهْزَاءٌ.
اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً- أَسْرَعُ جَزَاءً وَعُقُوبَةً.

{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22)}

وَاللهُ تَعَالَى هُوَ الذِي وَهَبَ النَّاسَ القُدْرَةَ عَلَى السَّيْرِ فِي البَرِّ مُشَاةً وَرُكْبَاناً، وَفِي البَحْرِ بِمَا سَخَّرَ لَهُمْ مِنَ السُّفُنِ وَالمَرَاكِبِ (الفُلْكِ)، وَهُوَ الذِي يَحْفَظُهُمْ وَيَكْلَؤُهُمْ بِعِنَايَتِهِ وَرِعَايَتِهِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا فِي السَّفِينَةِ، وَجَرَتْ بِهِمْ إِلَى غَايَتِهَا بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ مُوَاتِيَةٍ، وَفَرِحُوا بِسُرْعَةِ سَيْرِهَا رَافِلِينَ سُعَدَاءَ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَتِ السَّفِينَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ عَاصِفَةٌ، وَأَحَاطَ بِهِمُ المَوْجُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَظَنُّوا أَنَّهُمْ هَالِكُونَ، فَأَخَذُوا يَدْعُونَ اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئاً، وَلا يَدْعُونَ مَعَهُ صَنَماً وَلا وَثَناً، وَيُفْرِدُونَهُ بِالدُّعَاءِ وَالابْتِهَالِ، وَيَقُولُونَ يَا رَبِّ إِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنَ الحَالِ التِي نَحْنُ فِيها لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ، وَلَنَكُونَنَّ مِنَ المُخْلِصِينَ فِي عِبَادَتِكَ، وَلَنْ نُشْرِكَ بِكَ أَحَداً، كَمَا أَفْرَدْنَاكَ بِالدُّعَاءِ.
رِيحٌ عَاصِفٌ- رِيحٌ شَدِيدَةُ الهُبُوبِ.
أُحِيطَ بِهِم- أَحْدَقَ بِهِم الهَلاكُ.

{فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23)}

فَلَمَّا أَنْجَاهُمُ اللهُ تَعَالَى مِمَّا نَزَلَ بِهِمْ، مِنَ الشِّدَّةِ وَالكُرْبَةِ، نَقَضُوا عَهْدَهُمْ، وَعَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الإِفْسَادِ فِي الأَرْضِ، وَمُبَادَرَةِ النَّاسِ بِالظُّلْمِ وَالبَغْيِ وَالاعْتِدَاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ.
وَيُخَاطِبُ تَعَالَى هَؤُلاءِ المُفْسِدِينَ الطُّغَاةَ وَيَقُولُ لَهُمْ: يَا أَيُّهَا الغَافِلُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ أَمَا كَفَاكُمْ بَغْياً عَلَى المُسْتَضْعَفِينَ مِنْكُمْ اغْتِرَاراً بِقُوَّتِكُمْ؟ إِنَّكُمْ فِي الحَقِيقَةِ إِنَّمَا تَبْغُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ، لأنَّ عَاقِبَةَ بَغْيِكُمْ وَوَبَالَهُ إِنَّمَا يَعُودَانِ عَلَيْكُمْ، وَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تَتَمَتَّعُونَ بِبَغِيِكُمْ مُدَّةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا الزَائِلَةِ، وَهِيَ تَنْقَضِي سَرِيعاً، وَالعِقَابُ عَلَى هَذا البَغْيِ بَاقٍ ثُمَّ تَصِيرُونَ إِلَى اللهِ فَيُخْبِرُكُمْ بِجَمِيعِ أَعْمَالِكُمْ، وَيُجَازِيكُمْ عَلَيْهَا أَوْفَى الجَزَاءِ. فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمِدِ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلا نَفْسَهُ.
يَبْغُونَ- يَعْتَدُونَ وَيُفْسِدُونَ.

{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)}

ضَرَبَ اللهُ تَعَالَى مَثَلاً لِلْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي جَمَالِهَا وَبَهْجَتِهَا، ثُمَّ فِي سُرْعَةِ فَنَائِهَا، بِالنَّبَاتِ الذِي أَخْرَجَهُ اللهُ تَعَالَى مِنَ الأَرْضِ بِمَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهَا مِنَ المَطَرِ، مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ مِنْ زُرُوعٍ وَثِمَارٍ عَلَى اخْتِلافِ أَنْوَاعِهَا وَأَصْنَافِهَا، وَمِمَّا تَأْكُلُ الحَيَوَانَاتُ (الأَنْعَامُ) حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الأَرْضُ زِينَتَهَا الفَانِيَةَ (زُخْرُفَها) وَازَّيَّنَتْ بِمَا خَرَجَ فِي رُبَاهَا مِنْ زُهُورٍ نَضِرَةٍ مُخْتَلِفَةِ الأَشْكَالِ وَالأَلْوَانِ، كَمَا تَتَزَيَّنُ العَرُوسُ لَيْلَةَ زَفَافِهَا، وَظَنَّ أَهْلُهَا، الذِينَ زَرَعُوهَا وَغَرَسُوهَا، أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى جَزَازِهَا وَحَصَادِهَا، وَجَنْيِ ثِمَارِهَا، وَالتَّمَتُّعِ بِهَا، فَبَيْنَمَا هُمْ يَأْمُلُونَ ذَلِكَ إِذْ جَاءَتْهَا صَاعِقَةٌ، أَوْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ بَارِدَةٌ فَأَيْبَسَتْ أَوْرَاقَها، وَأَتْلَفَتْ ثِمَارَها، فَأَصْبَحَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِيناً قَبْلَ ذَلِكَ، وَهَكَذا يُبَيَّنُ اللهُ الحُجَجَ وَالآيَاتِ، لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ، فَيَعْتَبِرُونَ بِهَذَا المَثَلِ، فِي زَوَالِ الدُّنْيَا عَنْ أَهْلِهَا سَرِيعاً، مَعَ اغْتِرَارِهِمْ بِهَا.
مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا- حَالُها فِي سُرْعَةِ زَوَالِهَا وَانْقِضَائِهَا.
زُخْرُفَهَا- نَضَارَتَهَا وَبَهْجَتَهَا وَزِينَتَهَا بِأَلْوَانِ النَّبَاتِ.
أَمْرُنا- مَا يَجْتَاحُهَا مِنَ الآفَاتِ وَالعَاهَاتِ.
حَصْيداً- كَالنَّبَاتِ المَحْصُودِ بِالمَنَاجِلِ.
كَأَنْ لَمْ تُغْنِ بِالأَمْسِ- كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِيناً قَبْلَ ذَلِكَ.

{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)}

- لَمَّا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى الدُّنْيا وَسُرْعَةِ زَوَالِهَا، رَغَّبَ فِي الجَنَّةِ، وَدَعَا إِلَيْهَا، وَسَمَّاهَا دَارَ السَّلامِ، لِسَلامَتِهَا مِنَ الآفَاتِ وَالنَّقَائِصِ وَالنَّكَبَاتِ، وَلِشُعُورِ مَنْ يَدْخُلُونَهَا بِالاطْمِئْنَانِ وَالسَّلامَةِ، وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى الطَّرِيقِ المُوصِلِ إِلَيْهَا مِنْ أَقْصَرِ الطُّرُقِ، وَهُوَ الطَّرِيقُ المُسْتَقِيمُ.

{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)}

يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ الذِينَ يَسْتَجِيبُونَ لِدَعْوَةِ اللهِ، وَيُحْسِنُونَ العَمَلَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا، سَيَكُونُ جَزَاؤُهُمُ الحُسْنَى مِنَ اللهِ فِي الدَّارِ الآخِرَةِ (وَهَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَانُ)، وَسَيُضَاعِفُ اللهُ لَهُمْ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ (وَزِيَادَةٌ)، وَسَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، وَسَيُعْطِيهِمْ مَا لا عَيْنَ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ}: (الحُسْنَى الجَنَّةُ. وَالزِّيَادَةُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ). وَلا يَغْشَى وُجُوهَهُمْ قَتَامٌ أَسْوَدُ، مِمَّا يَعْتَرِي وُجُوهَ الكَفَرَةِ، مِنَ القَتَرَةِ وَالغَبَرَةِ، وَلا يَلْحَقُ بِالمُؤْمِنِينَ صَغَارٌ وَلا هَوَانٌ وَلا ذِلَّةٌ.
وَقَالَ اللهُ تَعَالَى يَصِفُ المُؤْمِنِينَ فِي آيَةٍ أُخْرَى {فَوَقَاهُمُ الله شَرَّ ذَلِكَ اليوم وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً.} لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ- لا يَغْشَى وُجُوهَهُمْ وَلا يَعْلُوهَا.
قَتَرٌ- غُبَارُ أَسْوَدُ.
ذِلَّةٌ- أَثَرُ هَوَانٍ.

{وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)}

أَمَّا المُجْرِمُونَ الذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَكَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، فَإِنَّهُ تَعَالَى سَيَجْزِيهِمْ عَلَى السَّيِّئَةِ بِمِثْلِهَا مِنْ عِقَابٍ فِي الآخِرَةِ، دُونَ زِيَادَةٍ أَوْ مُضَاعَفَةٍ، وَتَعْتَرِيهِمْ (تَرْهَقُهُمْ) ذِلَّةٌ مِنْ مَعَاصِيهِمْ، وَيَعْلُوهُمُ الخَوْفُ مِنْهَا، وَلَنْ يَجِدُوا، فِي ذَلِكَ اليَوْمِ، مَنْ يَعْصِمُهُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ، وَتُصْبِحُ وُجُوهُهُمْ سُوداً مِنَ الغَمِّ وَالكَآبَةِ، كَأَنَّمَا عَلَتْهَا قِطَعٌ مِنْ ظَلامِ الَّلْيِل الحَالِكِ، وَهَؤُلاءِ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ يَدْخُلُونَهَا وَيَخْلُدُونَ فِيهَا أَبَداً.
عَاصِم- مَانِعٌ يَمْنَعُ سُخْطَهُ وَعَذَابَهُ.
أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ- كُسِيَتْ وَأُلْبِسَتْ.

{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28)}

وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ لِمَنْ أَحْسَنُوا فِي الدُّنْيا، وَلِمَنْ أَسَاؤُوا فِيهَا، أَهْوَالَ يَوْمِ القِيَامَةِ، يَوْمَ يَحْشُرُ اللهُ أَهْلَ الأَرْضِ جَمِيعاً، مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ، وَمِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا: الزَمُوا أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ مَكَاناً مُعَيَّناً لا تَبْرَحُونَهُ حَتَّى تَنْظُرُوا مَا يُفْعَلُ بِكُمْ، وَيُفْصَلُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ شُرَكَائِكُمْ فِيمَا كَانَ سَبَبَ عِبَادَتِكُمْ إِيَّاهُمْ، وَالحُجَّة التِي يُدْلِي بِهَا كُلُّ فَرِيقٍ. ثُمَّ يُفَرِّقُ اللهُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، وَبَيْنَ مَنْ أَشْرَكُوهُمْ مَعَ اللهِ، وَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، لِتَقْطِيعِ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيا مِنْ صِلاتٍ وَرَوَابِطَ، وَقَالَ الشُّرَكَاءُ لِمَنْ أَشْرَكُوا: مَا كُنْتُمْ تَخُصُّونَنَا بِالعِبَادَةِ، وَإِنَّمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَهْوَاءَكُمْ وَشَيَاطِينَكُمْ.
مَكَانَكُمْ- الزَمُوا مَكَانَكُمْ.
فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ- فَفَرَّقْنا بَيْنَهُمْ، وَقَطَعْنا وَصْلَهُمْ.

{فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29)}

وَيُصِرُّ الشًّرَكَاءُ الذِينَ كَانَ المُشْرِكُونَ يَعُبُدونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ، عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَشْعُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ إِيَّاهُمْ، وَلا يَعْلَمُونَ بِهَا، وَيَقُولُونَ لَهُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَنَا وَنَحْنُ لا نَدْرِي بِكُمْ، وَاللهُ شَهِيدٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، إِنَّا مَا دَعَوْنَاكُمْ إِلَى عِبَادَتِنَا، وَلا أَمَرْنَاكُمْ بِهَا، وَلا رَضِينَا مِنْكُمْ بِذَلِكَ. وَفِي هَذا تَبْكِيتٌ عَظِيمٌ لِلَّذِينَ عَبَدُوا مَعَ اللهِ غَيْرَهُ.

{هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30)}

فِي ذَلِكَ المَوْقِفِ تَعْلَمُ كُلُّ نَفْسٍ مَا قَدَّمَتْ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَتَلْقَى جَزَاءَهُ، وَفِي هَذا المَوْقِفِ المَهُولِ يُوقِنُ المُشْرِكُونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللهِ تَعَالَى، وَيَبْطُلُ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَهُ، فَلا يَجِدُونَ أَحَداً يُنْقِذُهُمْ، أَوْ يَنْصُرُهُمْ مِنْ بَأْسِ اللهِ.
تَبْلُو- تَخْتَبِرُ أَوْ تَعْلَمُ أَوْ تَعَايِنُ.
***************************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راجية الشهادة
المعبرة راجية الشهاده
المعبرة راجية الشهاده
راجية الشهادة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime27/8/2012, 3:00 pm

تم الحفظ وقراءة التفسير وماذاك إلا من فضل ربي فله الحمده والشكر والمنة والفضل سبحانه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم عمارة
الاعضاء المؤسسين
الاعضاء المؤسسين
أم عمارة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime28/8/2012, 6:31 am

تم الحفظ وقراءة التفسير ولله الحمد والمنة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راجية الشهادة
المعبرة راجية الشهاده
المعبرة راجية الشهاده
راجية الشهادة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime28/8/2012, 4:12 pm

المستوى الثاني:الدرس الرابع:

الثلاثاء 10-10-1433هجري.

الآيات(31-40)سورة يونس.


أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم:

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31)فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33)قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34)قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35)وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36)وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37)أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39)وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40)}

*******************
التفسير:

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31)}

اسْأَلِ المُشْرِكِينَ يَا مُحَمَّدُ: مَنِ الذِي يُنْزِلُ المَطَرَ مِنَ السَّمَاءِ فَيَشُقُّ الأَرْضَ شَقّا بِقُدْرَتِهِ وَمَشِئَتِهِ، وَيُخْرِجُ لَكُمُ الزرُوعَ وَالفَوَاكِهَ وَالنَّبَاتَ مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ؟ وَمَنِ الذِي وَهَبَكُمْ قُوَّةَ السَّمْعِ وَالإِبْصَارِ، وَلَوْ شَاءَ لَذَهَبَ بِهَا، وَلَسَلَبَكُمْ إِيَّاهَا؟ وَمَنْ هُوَ الذِي يُخْرِجُ بِقُدْرَتِهِ العَظِيمَةِ، وَمَنَّتِهِ الكُبْرَى، الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ، وَالمَيِّتَ مِنَ الحَيِّ؟ وَمَنْ هُوَ الذِي يَتَوَّلَى تَدْبِيرَ أَمْرِ الخَلِيقَةِ جَمِيعاً بِمَا أَوْدَعَهُ فِي كُلٍّ مِنْهَا مِنَ السُّنَنِ، وَبِيَدِهِ مَلَكُوتِ كُلِّ شَيءٍ، وَهُوَ المُتَصَرِّفُ وَالحَاكِمُ المُطْلَقُ فِي الكَوْنِ كُلِّهِ، لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَلا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ؟ إِنَّهُمْ بِلا شَكِّ سَيَعْتَرِفُونَ أَنَّهُ اللهُ وَحْدَهُ، وَهُمْ يَعِلَمُونَ ذَلِكَ، فَقُلْ لَهُمْ: أَفَلا تَخَافُونَ عِقَابَهُ أَنْ تَعْبُدُوا مَعَهُ آلِهَةً غَيْرَهُ؟

{فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32)}

فَهَذَا، الذِي اعْتَرَفْتُمْ بِأَنَّهُ فَاعِلُ كُلَّ ذَلِكَ، هُوَ رَبُّكُمْ وَإلهُكُمْ الحَقُّ الثَّابِتُ بِذَاتِهِ، المُحْيِي لِغَيْرِهِ، الذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يَتَفَرَّدَ بِالعِبَادَةِ، وَكُلُّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ بَاطِلٌ، وَمَنْ تَجَاوَزَ الحَقَّ وَصَلَ إِلَى الضَّلالِ. فَكَيْفَ تُصْرَفُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَحْدَهُ، وَهِيَ الهُدَى، إِلَى عِبَادَةِ الشُّرَكَاءِ وَالوُسَطَاءِ وَالأَنْدَادِ وَهِيَ الضَّلالُ؟
رَبُّكُمُ الحَقُّ- الذِي ثَبَتَتْ رُبُوبِيَّتُهُ بِالحُجَّةِ وَالدَّلِيلِ ثُبُوتاً لا رَيْبَ فِيهِ.
فَأَنَّى تُصْرَفُونَ- فَكَيْفَ تَسْتَجِيزُونَ العُدُولَ عَنِ الحَقِّ إِلَى الكُفْرِ وَالضَّلالِ.

{كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33)}

- وَكَمَا حَقَّتْ كَلِمَةُ اللهِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ فِي الرُّبُوبِيَّةِ وَالأُلُوهِيَّةِ، وَبِأَنَّ الحَقَّ لَيْسَ بَعْدَهُ إِلا الضَّلالُ، لِمَنْ تَنَكَّبَ عَنْهُ، كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ اللهِ وَوَعِيدُهُ عَلَى الذِينَ خَرَجُوا مِنْ حَظِيرَةِ الحَقِّ، وَاسْتَمَرُّوا عَلَى شِرْكِهِمْ وَعِبَادَتِهِمْ مَعَ اللهِ آلهَةً أُخْرَى، أَنَّهُمْ سَيَبْقَونَ أَشْقِيَاءَ لا يُؤْمِنُونَ بِمَا دَعَتْهُمْ إلَيْهِ الرُّسُلُ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالإِيمَانِ وَالهُدَى، مَهْمَا تَكُنِ الآيَةُ بَيِّنَةً، وَالحُجَّةُ ظَاهِرَةً، لأنَّ اللهَ تَعَالَى لا يَهْدِي إِلَى الحَقِّ إلا مَنْ سَلَكَ طَرِيقَهُ.
حَقَّتْ- ثَبَتَتْ وَوَجَبَتْ.

{قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34)}

قُلْ لَهُمْ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ: هَلْ أَحَدٌ مِنْ شُرَكَائِكُمْ الذِينَ عَبَدْتُمُوهُمْ مَعَ اللهِ، أَوْ مِنْ دُونِ اللهِ، مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْدَادِ، مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْشِىءَ الخَلْقَ ابْتِدَاءً، ثُمَّ يُعِيدُهُ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ فَنَائِهِ؟ فَإِذَا عَجَزُوا عَنِ الإِجَابَةِ فَقُلْ لَهُمْ: اللهُ هُوَ الذِي أَنْشَأَ الخَلْقَ ابْتِدَاءً، وَهُوَ القَادِرُ عَلَى إِعَادَتِهِ، لأنَّ الإِعَادَةَ أَسْهَلُ مِنَ الابْتِدَاءِ.
وَبِمَا أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنْ شُرَكاءَهُم لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيءٍ مِنَ الخَلْقِ، وَلا إِعَادَةِ الخَلْقِ، فَقُلْ لَهُمْ كَيْفَ تُصْرَفُونَ عَنِ الإِيمَانِ بِاللهِ، وَهُوَ الحَقُّ وَالرَّشَادُ، إِلَى عِبَادَةِ الأَصْنَامِ وَالأَنْدَادِ وَهِيَ البَاطِلُ وَالضَّلالَةُ؟
تُؤْفَكُونَ- تُصْرَفُونَ.

{قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35)}

وَقُلْ لَهُمْ إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَهْدِي إلَى الحَقِّ وَالرَّشَادِ، بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الهِدَايَةِ التِي تَتَمُّ بِهَا حِكْمَةُ الخَلْقِ، فَهَلْ مِنْ مَعْبُودَاتِكُمُ التِي جَعَلْتُمُوهَا شُرَكَاءَ للهِ مَنْ يَسْتَطِيعُ التَّمْييزَ بَيْنَ الهُدَى وَالضَّلالِ، فَيُرْشِدُ غَيْرَهُ إلى طَرِيقِ الحَقِّ؟ وَبِمَا أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ شُرَكَاءَهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، فَقُلْ لَهُمْ: مَنْ هُوَ الأَحَقُّ بِأَنْ يُتَّبَعَ: الذِي يَهْدِي الضَّالِينَ، وَيَفْتَحُ عُيُونَ العُمْيِ لِيُبْصِرُوا الحَقَّ وَالآيَاتِ، أَمِ الذِي لا يَسْتَطِيعُ هِدَايَةَ نَفْسِهِ، وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَنْ يَهْدِيَهُ غَيْرُهُ، فَمَا بَالُكُمْ تَضِلُّونَ؟ وَكَيْفَ سَوَّيْتُمْ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، وَعَدَلْتُمْ عَنْ عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ إلَى عِبَادَةِ الأَصْنَامِ وَالأَوْثَانِ وَالأَنْدَادِ؟
لا يَهْدِي- لا يَهْتَدِي بِنَفْسِهِ.

{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36)}

- إِنَّ أَكْثَرَ المُشْرِكِينَ لا يَتَّبِعُونَ فِي شِرْكِهِمْ، وَعِبَادَتِهِمْ غَيْرَ اللهِ، وَلا فِي إِنْكَارِهِمْ البَعْثَ، وَتَكْذِيبِ الرَّسُولِ، إِلا ضَرْباً مِنْ ضُرُوبِ الظَّنِّ وَالتَخْمِينِ الذِي لا دَلِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ (كَتَقْلِيدِ الآَبَاءِ، وَالاعْتِقَادِ بِأَنَّ الآَبَاءَ لا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا عَلَى خَطَأٍ وَضَلالٍ فِيمَا يَعْتَقِدُونَ وَفِيمَا يَعْمَلُونَ). وَلَكِنَّ الظَّنَّ لا يَقُومُ مَقَامَ اليَقِينِ فِي شَيءٍ، وَلا يُنَتَفَعُ بِهِ حِينَ يَحْتَاجُ الأَمْرُ إِلى يَقِينٍ.
وَقَلِيلٌ مِنْ هَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ مَا جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، وَأَنَّ أَصْنَامَهُمْ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ، إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ، وَجَحَدُوا آيَاتِهِ، وَكَذَّبُوا رَسُولَهُ اسْتِكْبَاراً وَعِنَاداً.
وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُهُ رُؤُوسُ الكُفْرِ وَأَتْبَاعُهُمُ الذِينَ يُقَلِّدُونَهُمْ، وَسَيُجَازِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ.

{وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37)}

لا يَصِحُّ وَلا يَعْقِلُ أَنْ يَفْتَرِيَ بَشَرٌ القُرْآنَ عَلَى اللهِ، وَيَنْسُبَهُ إِلَيْهِ. فَمَا فِي القُرْآنِ مِنْ مَعْلُومَاتٍ، وَتَشْرِيعَاتٍ، وَعُلُومٍ بِالغَيْبِ، وَآدَابٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ سَامِيَّةٍ، وَأُسْلُوبٍ رَفِيعٍ فِي الصِّيَاغَةِ، هِيَ أَشْيَاءُ لا يَقْدِرُ البَشَرُ أَن يأتِيَ بِمِثْلِهَا. وَقَدْ تَحَدَّاهُمُ اللهُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ فَعَجَزُوا. وَإِذَا أَضَفْنَا إِلَى ذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم عُرِفَ فِي حَيَاتِهِ كُلِّهَا بِالأَمِينِ فِي قَوْمِهِ، فَمَا كَانَ لِيَتْرُكَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ، وَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ، لِذَلِكَ لا بُدَّ مِنَ القَوْلِ: إِنَّ هَذا القُرآنَ مُنَزَّلٌ وَحْياً مِنَ اللهِ عَلَى رَسُولِهِ، وَهُوَ مُصَدِّقٌ لِمَا جَاءَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ السَّابِقُونَ، وَمُتَّفَقٌ مَعَهُ فِي الدَّعْوَّةِ إِلَى الدِّينِ الحَقِّ، مِنَ الإِيمَانِ الكَامِلِ بِاللهِ وَحْدَهُ، وَبِاليَوْمِ الآخِرِ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ لِمَا كُتِبَ مِنَ الشَرَائِعِ وَالأَحْكَامِ، وَكُلُّ ذَلِكَ لا يَتْرُكُ مَجَالاً لِعَاقِلٍ أَنْ يَرْتَابَ فِيهِ، وَأنْ يَشُكَّ فِي أَنَّهُ مُنْزَلٌ مِنْ رَبِّ العَالِمِينَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم.

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)}

وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تَقُولُوا: إِنَّ مُحَمَّداً افْتَرَى القُرْآنَ وَنَسَبَهُ إِلَى اللهِ، فَإِذَا كَانَ القُرْآنُ مِنْ صُنْعِ مُحَمَّدٍ، فَأَنْتُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ تَصْنَعُوا مِثْلَهُ، لأنَّ مُحَمَّداً مِنْكُمْ، فَأْتُوا بِسُورَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، وَادْعُوا جَمِيعَ مَنْ تَعْرِفُونَ، وَمَنْ تَسْتَطِيعُونَ دَعْوَتَهُمْ لِمُسَاعَدَتِكُمْ فِي ذَلِكَ. فَإِذَا عَجَزْتُمْ عَنِ الإِتْيَانِ بِهَذِهِ السُّورَةِ- وَأَنْتُمْ عَاجِزُونَ حَتْماً- فَاعْلَمُوا أَنَّ هَذا القُرْآنَ لَيْسَ مِنْ صُنْعِ البَشَرِ، وَأَنَّهُ مُنْزَلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَأَنَّهُ لا يُمْكِنُ أَنْ يُفْتَرَى عَلَى اللهِ.

{بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39)}

بَلْ سَارَعَ هَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ إِلَى تَكْذِيبِ القُرْآنِ، قَبْلَ أَنْ يَتَدَبَّرُوا مَا فِيهِ، وَيَقِفُوا عَلَى مَا احْتَوَاهُ مِنَ الأَدِلَّةِ، وَالحُجَجِ الدَّالَّةِ عَلَى سُمُوِّهِ وَكَمَالِهِ وَإِعْجَازِهِ، وَقَبْلَ أَنْ يَقِفُوا عَلَى تَفْسِيرِهِ وَبَيَانِ أَحْكَامِهِ بِسُؤَالِ غَيْرِهِمْ. وَقَدْ كَذَّبَ مِثْلَ هَذا التَّكْذِيبِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي الأُمَمِ السَّابِقَةِ، بِلا تَبَصُّرٍ وَلا تَدَبُّرٍ، فَعَاقَبَهُمُ اللهُ تَعَالَى عَلَى كُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ، وَدَمَّرَهُمْ تَدْمِيراً، فَانْظُرْ يَا مُحَمَّدُ كَيْفَ كَانَتْ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ لأَنْفُسِهِمْ بِتَكْذِيبِهِمْ، رَسُولَ رَبِّهِمْ، لِتَعْلَمَ مَصِيرَ مَنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ، لأنَّ هَذِهِ هِيَ سُنَّةُ اللهِ فِي خَلْقِهِ.

{وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40)}

وَمِنْ هَؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ مَنْ سَيُؤْمِنُ بِالقُرْآنِ حِينَ يَفْهَمُ مَا جَاءَ فِيهِ، وَيَتَنَبَّهُ لِمَعَانِيهِ، بَعْدَ أَنْ سَعَوْا فِي مُعَارَضَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُصِرُّ عَلَى الكُفْرِ وَيَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ، بِالشِّرْكِ وَالظُّلْمِ وَالبَغْيِ لِفَقْدِهِمُ الاسْتِعْدَادَ لِلإِيمَانِ، وَهَؤُلاءِ سَيُعَذِّبُهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا، وَيُخْزِيهُمْ وَيَنْصُرُكُمْ عَلَيْهِمْ، وَفِي الآخِرَةِ يُصْلِيهِمْ نَارَ جَهَنَّمَ، وَيَبْقَوْنَ فِيهَا خَالِدِينَ أَبداً.
********************************
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم عمارة
الاعضاء المؤسسين
الاعضاء المؤسسين
أم عمارة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime29/8/2012, 8:28 am

تم الحفظ وقراءة التفسير ولله الحمد والمنة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راجية الشهادة
المعبرة راجية الشهاده
المعبرة راجية الشهاده
راجية الشهادة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime29/8/2012, 2:37 pm

تم الحفظ وقراءة التفسير ولله الحمد والمنة والفضل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راجية الشهادة
المعبرة راجية الشهاده
المعبرة راجية الشهاده
راجية الشهادة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime29/8/2012, 2:54 pm

المستوى الثاني:الدرس الخامس:

الأربعاء 11-10-1433هجري.

الآيات(41-50)سورة يونس.


أعوذُ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم:

{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41)وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42)وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ (43)إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44)وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45)وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46)وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (47)وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48)قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (49)قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (50)}

**********************
التفسير:

{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41)}

وَإِنْ أَصَرُّوا عَلَى تَكْذِيبِكَ، مَعَ وُضُوحِ الأَدِلَّةِ عَلَى صِدْقِكَ فِيمَا دَعَوْتَهُمْ إِلَيهِ، فَقُلْ لَهُمْ: إِنَّ لِي جَزَاءَ عَمَلِي، وَلَكُمْ أَنْتُمْ جَزَاءَ أَعْمَالِكُمْ، وَلَنْ يَحْمِلَ أَحَدٌ شَيْئاً مِنْ وِزْرِ أَحَدٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ بَرِيءٌ مِنْ عَمَلِ الآخَرِ، وَلا يُؤَاخِذُ أَحَدٌ بِعَمَلِ غَيْرِهِ.

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42)}

وَمِنَ المُكَذِبِينَ أُنَاسٌ يُصِيخُونَ إِليكَ سَمْعَهُمْ إِذا قَرَأْتَ القُرْآنَ، وَبَيَّنْتَ مَا فِيهِ، وَلَكِنَّهُمْ لا يُدْرِكُونَ مَعْنَى مَا يَسْمَعُونَ، فَهُمْ لا يَتَدَبَّرُونَ القَوْلَ، وَلا يَفْقَهُونَ مَا يُرَادُ مِنْهُ، بَلْ هَمُّهُمْ أَنْ يَسْتَمِعُوا إِلَى غَرَابَةِ نُظْمِهِ، وَإِلَى جَرْسِ صَوْتِكَ بِتَرْتِيلِهِ. وَالسَّمَاعُ النَّافِعُ لِلْمُسْتَمِعِ هُوَ الذِي يَعْقِلُ بِهِ مَا يَسْمَعُهُ، وَيَفْقَهُهُ، وَيَعْمَلُ بِهِ، وَإِنْ فَقَدَ هَذا كَانَ كَالأَصَمِّ الذِي لا يَسْمَعُ.
وَكَمَا أَنَّكَ، أَيُّهَا الرَّسُولُ، لَمْ تُؤْتَ القُدْرَةِ عَلَى إِسْمَاعِ الصُّمِّ الذِينَ فَقَدُوا حَاسَّةَ السَّمْعِ، فَكَذَلِكَ لا تَسْتَطِيعُ أَنْتَ أَنْ تُسْمِعَ إِسْمَاعاً نَافِعاً، مَنْ هُمْ فِي حُكْمِهِمْ، وَهُمُ الذِينَ لا يَعْقِلُونَ.

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ (43)}

- وَمِنْهُمْ مَنْ يُوَجِّهُ إِلَيْكَ نَظَرَهُ، وَلَكِنَّهُ لا يُبْصِرُ مَا آتَاكَ اللهُ مِنْ نُورِ الإِيمَانِ، وَالخُلُقِ العَظِيمِ، وَالدَّلالَةِ القَاطِعَةِ عَلَى نُبُوَّتِكَ. وَكَمَا أَنَّكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ لا تَقْدِرُ عَلَى هِدَايَةِ العُمْيِ بِدَلائِلَ البَصَرِ الحِسِّيَّةِ، كَذَلِكَ فِإِنَّكَ لا تَقْدِرُ عَلَى هِدَايَتِهِمْ بِالدَّلائِلِ العَقْلِيَّةِ، إِذَا كَانُوا فَاقِدِينَ لِنِعْمَةِ البَصِيرَةِ التِي تُدْرِكُها.
يَنْظُرُ إِلَيْكَ- يُعَايِنُ دَلائِلَ نُبُوَّتِكَ.

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44)}

- وَلَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَنِ اللهِ فِي خَلْقِهِ، أَنْ يُنْقِصَهُمْ شَيْئاً مِنَ الأَسْبَابِ التِي يَهْتَدُونَ بِاسْتِعْمَالِهَا إِلَى مَا فِيه خَيْرُهُمْ، مِنْ إِدْرَاكٍ وَإِرْشَادٍ إِلَى الحَقِّ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ، وَنَصْبِ الأَدْلَّةِ التِي تُوصِلُهُمْ إِلَى سَعَادَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. وَلَكِنَّ النَّاسَ يَتَنَكَّبُونَ عَنْ طَرِيقِ الهِدَايَةِ وَالحَقِّ، وَيُصِرُّونَ عَلَى الكُفْرِ بِاللهِ، وَالإِشْرَاكِ بِهِ، فَيَظْلِمُونَ بِذَلِكَ أَنْفُسَهُمْ، لأَنَّ كُفْرَهُمْ سَيُؤَدِّي بِهِمْ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَاللهُ تَعَالَى قَدْ أَعْذَرَ إِلَيْهِمْ، وَبَيَّنَ لَهُمُ الدَّلائِلَ وَالحُجَجَ، وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ لِهِدَايَتِهِمْ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُ تَعَالَى لا يَكُونُ قَدْ ظَلَمَ النَّاسَ شَيْئاً.

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45)}

- يُذَكِّرُ اللهُ تَعَالَى النَّاسَ بِتَفَاهَةِ الحَيَاةِ الدُّنْيا، وَبِقِصَرِ مُدَّتِهَا، وَبِسُرْعَةِ زَوَالِهَا، وَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّهُ يُخْرِجُ يَوْمَ القِيَامَةِ الأَمْوَاتَ مِنْ قُبُورِهِمْ فَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ لَمْ يَلْبَثُوا فِي قُبُورِهِمْ إلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ (أَوْ أَنَّ حَيَاتَهُمْ فِي الدُّنْيا لَمْ تَكُنْ إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ)، وَيَتَعَارَفُ النَّاسُ فيمَا بَيْنَهُمْ، فَيَعْرِفُ الأَبْنَاءُ الآبَاءَ، وَيَعْرِفُ الآبَاءُ الأَبْنَاءَ، وَيَعْرِفُ الأَقْرِبَاءُ بَعْضَهُمْ بَعْضاً، كَمَا كَانُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا، وَلَكِنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ. وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُدْرِكُ الذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَلِقَائِهِ، وَآثَرُوا الحَيَاةَ الدُّنْيا، القَصِيرَةَ المُنَغَّصَةَ بِالأَكْدَارِ، عَلَى الحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، بِمَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ الدَّائِمِ، أَنَّهُمْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ حِينَ يَرَوْنَ مَا صَارَتْ إِلَيْهِ أُمُورُهُمْ فِي جَهَنَّمَ، وَأَنَّهُمْ خَسِرُوا أَهْلِيهِمْ، إِذْ فُرِّقَ بَيْنَهُمْ.

{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46)}

- إِنْ أَرَاكَ اللهُ تَعَالَى بَعْضَ مَا يَعِدُهُمْ مِنَ العِقَابِ وَالخُذْلانِ فِي الدُّنْيا، فَذَلِكَ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ، وَهُمْ لَهُ أَهْلٌ، (وَقَدْ أَرَى اللهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم فِي بَدْرٍ قَتْلَ رُؤُوسِ الكُفْرِ، وَأَسْرَهُمْ وَهَزِيمَتَهُم) وَإِنْ تَوَفَّاكَ اللهُ قَبْلَ أَنْ تَرَى فِيهِمْ ذَلِكَ فَمَصِيرُهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِلَى اللهِ، وَسَيَلْقَوْنَ فِي الآخِرَةِ مِنْ صِدْقِ الجَزَاءِ مَا يَعْلَمُونَ بِهِ صِدْقَ وَعِيدِهِ، وَاللهُ شَاهِدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَهُ، فَيَجْزِيهِمْ عَلَيْهِ عَلَى عِلْمٍ، وَشَهَادَةِ حَقٍّ.

{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (47)}

- مِنْ فَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى كُلِّ جَمَاعَةٍ مِنَ الأُمَمِ السَّالِفَةِ رَسُولاً مِنْهَا لِيُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ: مِنَ الإِيمَانِ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ، وَمِنَ العَمَلِ الصَّالِحِ الذِي يُنْجِيهِمْ مِنَ العِقَابِ فِي الآخِرَةِ، فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ وَبَلَّغَهُمْ مَا أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ عُذْرٌ فِي مُخَالَفَتِهِ، وَيَوْمَ الحِسَابِ فِي الآخِرَةِ يَأْتِي كُلُّ رَسُولٍ لِيَشْهَدَ عَلَى مَنْ كَذَّبَهُ مِنْ أُمَّتِهِ، وَعَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَ رِسَالَتَهُ، فَيَحْكُمُ اللهُ بَيْنَهُمْ بِالعَدْلِ التَّامِّ، فَلا يَظْلِمُ أَحَداً شَيْئاً مِمَّا يَسْتَحِقُّهُ.
بِالقِسْطِ- بِالعَدْلِ.

{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48)}

- وَيُمْعِنُ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ فِي تَكْذِيبِهِمْ بِاليَوْمِ الآخِرِ، فَيَسْتَعْجِلُونَ بِهِ سَاخِرِينَ مُتَهَكِّمِينَ، وَيَقُولُونَ: مَتَى يَكُونُ هَذا الَّذِي تَعِدُنَا بِهِ مِنَ العَذَابِ، إِنْ كُنْتَ يِا مُحَمَّدُ وَأَصْحَابُكَ صَادِقِينَ فِيمَا تَعِدُونَنَا بِهِ مِنْ حَشْرٍ وَحِسَابٍ وَجَزَاءٍ؟

{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (49)}

- قُلْ لِهَؤُلاءِ المُسْتَعْجِلِينَ بِالعَذَابِ: إِنِّي بَشَرٌ مِثْلُكُمْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلا نَفْعاً، وَلا أَمْلِكُ إِنْزَالَ العَذَابِ بِالكُفَّارِ المُعَانِدِينَ، وَلا تَحْقِيقِ النَّصْرِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالقَادِرُ عَلَى ذَلِكَ هُوَ اللهُ وَحْدَهُ، يُحَقِّقُهُ مَتَى شَاءَ، وَلِكُلِّ أَمَّةٍ أَجَلٌ، فَإَذَا جَاءَ الأَجَلُ فَلا يَمْلِكُ أَحَدٌ أَنْ يُقَدِّمَهُ أَوْ يُؤَخِّرَهُ سَاعَةً عَنِ الوَقْتِ الذِي حَدَّدَهُ اللهُ لَهَا.

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (50)}

- قُلْ أَيُّهَا الرَّسُولُ الكَرِيمُ لِهَؤُلاءِ المُسْتَعْجِلِينَ بِالعَذَابِ: أَخْبِرُونِي عَنْ حَالِكُمْ، وَمَا يُمْكِنُكُمْ أَنْ تَفْعَلُوهُ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ الذِي تَسْتَعْجِلُونَهُ، فِي وَقْتِ مَبِيتِكُمْ بِاللَّيْلِ، أَوْ وَقتِ اشْتِغَالِكُمْ بِلَهْوِكُمْ وَلَعِبِكُمْ وَأُمُورِ مَعَايِشِكُمْ نَهَاراً؟ وَأَيَّ عَذَابٍ يَسْتَعْجِلُ بِهِ هَؤُلاءِ المُجْرِمُونَ المُكَذِّبُونَ؟ أَهُوَ عَذَابُ الدُّنْيَا أَمْ عَذَابُ يَوْمِ القِيَامَةِ؟ وَاسْتِعْجَالِهِمْ بِالعَذَابِ أَيّاً كَانَ فَهُو جَهَالَةٌ.
***************************
أَرَأَيْتُمْ- أَخْبِرُونِي عَنْ حَالِكُمْ أَوْ عَنْ عَذَابِ اللهِ.
بَيَاتاً- وَقْتَ البَيَاتِ أَيْ لَيْلاً؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راجية الشهادة
المعبرة راجية الشهاده
المعبرة راجية الشهاده
راجية الشهادة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime29/8/2012, 2:55 pm

تم الحفظ وقراءة التفسير ولله الحمد والمنة والفضل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أم عمارة
الاعضاء المؤسسين
الاعضاء المؤسسين
أم عمارة

شكرا لتفاعلك ومشاركتك
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه


م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا Empty
مُساهمةموضوع: رد: م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا   م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا I_icon_minitime30/8/2012, 12:59 pm

تم الحفظ وقراءة التفسير ولله الحمد والمنة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
م2,الإسبوع الأول (تحضير+تفسير)هنا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإسبوع العشرون(تحضير+تفسير)هنا
» م2,الإسبوع الثاني (تحضير+تفسير)هنا
» الإسبوع الثلاثون(تحضير+تفسير)هنا.
» م2,الإسبوع الثالث (تحضير+تفسير)هنا
» الإسبوع الخامس عشر(تحضير+تفسير)هنا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المؤمنين والمؤمنات :: {{{{{{{{{{ علوم القرآن الكريم والحديث النبوي}}}}}}} :: دورات القرآن الكريم والحديث-
انتقل الى: